ثم إن الصحيح في ذلك أنه لا يتقيد بمسافة بل بمجاوزة البلد الذي يخرج منها، ورده القرطبي بأنه مشكوك فيه فلا يحتج به في التحديد، مشكوك فيه؛ لأنه قال: ثلاثة أميال أو فراسخ، فلا يحتج به في التحديد بثلاثة فراسخ، فإن الثلاثة أميال مدرجة فيها، فيؤخذ بالأكثر احتياطاً، وقد روى ابن أبي شيبة عن حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن حرملة قال: قلت لسعيد بن المسيب: أأقصر الصلاة، وأفطر في بريد من المدينة؟ قال: نعم، والله أعلم.

تنبيه:

اختلف في معنى الفرسخ، فقيل: السكون ذكره ابن سيده، وقيل: السعة، وقيل: المكان الذي لا فرجة فيه، وقيل: الشيء الطويل.

ثم ذكر الأحاديث المرفوعة.

لو نظرنا إلى مسألة التحديد أو العمل بإطلاق النصوص، فما الذي عليه عامة أهل العلم من أهل المذاهب المتبوعة التحديد أو الإطلاق؟ التحديد، الأئمة الأربعة كلهم يرون التحديد، وأتباعهم على هذا، وهذه مسألة يجب أن يتنبه لها طالب العلم، هذه المسألة في غاية الأهمية؛ لأنها تفيد في التعامل مع النصوص، يعني إذا وجدنا نصوص صحيحة صريحة، دعونا من هذه المسألة، هذه المسألة النصوص ليست فيها صريحة، نصوص صحيحة صريحة والأئمة الأربعة وأتباعهم كلهم لا يقولون بمقتضاها، يعني حديث صحيح صريح يدل أو فيه أمر والأصل في الأمر عند الجمهور الوجوب، ما لم يوجد صارف، وجد أمر صحيح صريح أو وجد نهي صحيح صريح، والأصل في النهي عند الجمهور بما في ذلك الأئمة المتبوعون الأصل فيه التحريم ما لم يوجد صارف.

أنت طالب علم لديك الأهلية قل: فقيه بالقوة القريبة من الفعل؛ لأنك لو أنت فقيه بالفعل لكنت حافظاً للمسائل بأدلتها، فقيه بالقوة القريبة من الفعل، وعندك مكتبة متكاملة فيها كل ما يحتاج إليه طالب العلم، فبحثت في هذه المكتبة فما وجدت لهذا الأمر صارفاً، ولم تجد لذلك النهي صارفاً، لكن الأئمة الأربعة وأتباعهم وغيرهم من الأئمة المعتبرين كلهم يقولون بالنسبة لهذا الأمر بالاستحباب، وبالنسبة لذلك النهي بالكراهة، ولم تجد من يقول بمقتضى الأمر، أو بمقتضى النهي إلا الظاهرية، كيف تصنع؟ نريد أن نتوصل بهذا الكلام إلى ما عندنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015