يقول الحافظ ابن حجر في شرحه: قوله:
باب: في كم يقصر الصلاة يريد بيان المسافة التي إذا أراد المسافر الوصول إليها ساغ له القصر، ولا يسوغ له في أقل منها، وهي من المواضع التي انتشر فيها الخلاف جداً، فحكى ابن المنذر وغيره فيها نحو من عشرين قولاً، فأقل ما قيل في ذلك يوم وليلة، وأكثره ما دام غائباً عن بلده، ما دام مسافراً قد يسافر السنوات البعثات الدراسية التي يمكث فيها الطلاب سنوات تدخل في هذا القول، وقد أفتاهم من أفتاهم بأن يمكثوا الخمس السنين والست والسبع بل العشر، ولا حد إذا قيل: عشر قل: عشرين ويش المانع؟ نعم؟ يجمعون ويقصرون ويفطرون ويمسحون ويترخصون، لكنه لم يذكر ما هو أقل من ذلك مما يذكر عن الظاهرية مما ذكره ابن حزم وغيره أنه ميل يكفي للسفر، يكفي للترخص.
وأكثره ما دام غائباً عن بلده، وقد أورد المصنف الترجمة بلفظ الاستفهام، والعادة أنه إذا جاء بالترجمة على سبيل التردد، وأردفها بموقوف أو معلق يجزم به أنه هو اختياره، فالذي يظهر أنه يختار يوم وليلة، وإذا مشينا على التقدير الذي قدروه في البرد والفراسخ والأميال تكون مسافة القصر عنده أربعين كيلاً يوم وليلة؛ لأنه قال: باب في كم يقصر الصلاة، وسمى النبي -صلى الله عليه وسلم- يوماً وليلة سفراً، وقد أورد المصنف الترجمة بلفظ الاستفهام، وأورد ما يدل على أن اختياره أن أقل مسافة القصر يوم وليلة.
منهم من يقول: لا، اليوم والليلة مختلف فيه، واليومان مختلف فيهما، وأكثر ما جاء ثلاثة أيام، وإلى هذا ميل الحنفية، يقولون: الثلاثة أيام متفق عليها بين المذاهب التي ترى التحديد، فما دونها مختلف فيه، ويجب أن يخرج من عهدة الواجب بيقين، هذا من جهة.