الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين،
أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الإمامة
والمراد بها في حال صلاة الجماعة، إذ لا إمامة إلا في الجماعة، والجماعة اثنان فما فوقهما إلا في صلاة الخوف فإن أقلها ثلاثة، إمام ومأموم وحارس، يحرسهم، هذا إذا اعتبرنا الحارس يحرس في أثناء صلاته، كما هو موجود في بعض الصور، في بعض الصور ينصرف للحراسة وهو في صلاته، لم تتم صلاته، ثم يعود ليكمل صلاته مع الإمام في بعض الصور، ولهذا قالوا: في صلاة الخوف أقل الجماعة ثلاثة، والخلاف في أقل من تنعقد بهم الجمعة سيأتي -إن شاء الله تعالى-.
الإمامة أو الجماعة مكونة من إمام ومأموم، إمام ومؤتم.
من الأولى بالإمامة ممن يريدها من الاثنين فما فوق؟ يقدم في الإمامة على سبيل الوجوب من اتصف بالأوصاف التالية، وعلى سبيل الاستحباب أيضاً من اتصف بالصفات التي صدر بها الباب.
في حديث أبي مسعود البدري الأنصاري صحابي اسمه عقبة بن عمرو، بدري ينسب إلى بدر، والجمهور على أنه لم يشهد بدراً، وإنما سكن المحل الذي يسمى بدر، والبخاري -رحمه الله تعالى- عده في البدرين، على كل حال هو من جلة الصحابة من الأنصار، يروي حديث في صحيح مسلم وغيره: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة)) ... الحديث.
وهنا يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ويصلي بهم أقرؤهم" وهذا في أكثر النسخ، والذي في المغني وبعض النسخ الأصلية الأصول: "يؤم القوم أقرؤهم" على ما جاء في لفظ الحديث، وهي أولى؛ لأنه إذا أمكن أن تصاغ الأحكام بالألفاظ الشرعية، ويكون الجواب في الفتوى بلفظ شرعي كان أبعد عن الخطأ، كلما كان بنص الشرع من الكتاب أو السنة كان أبعد عن الخطأ، وهنا يقول: "يصلي بهم أقرؤهم" على مقتضى أكثر الأصول أصول الكتاب، والذي اعتمده الموفق ما جاء في بعض النسخ: "يؤم القوم أقرؤهم" وهذا أولى لموافقته نص الحديث.
قد يقول القائل: إن الحديث قد يكون روي بالمعنى، لكن مع ذلك اعتماده أولى؛ لأن هذا مجرد احتمال، وأما قوله: يصلي بهم فمقطوع أنه ليس من لفظ النبي -عليه الصلاة والسلام-.