حكم الانتفاع بالميتة عند المالكية وأدلتهم

وقال المالكية: نقول بالانتفاع بكل شيء، سواء في ذلك جلد الكلب والخنزير أو غيرهما.

فقال الشافعية: إنما استثنينا الكلب والخنزير لأدلة، أما الخنزير فبالنص من كتاب الله، قال الله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام:145]، فقال: (فإنه)، والضمير عائد على أقرب مذكور، وأقرب مذكور هو الخنزير، فإذاً الخنزير بالتنصيص يحرم، وألحقنا الكلب بالخنزير لدليل من السنة وهو حديث في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا ولغ الكب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً)، وفي رواية: (ليرق هذا الماء وليغسله سبعاً) وذلك لأن لعابه نجس، قالوا: واللعاب أشرف ما يكون في الكلب، فإن كان أشرف ما يكون في الكلب نجس فإذاً باقي ما في الكلب يأخذ الحكم، فيكون الجلد والشعر نجس وكل شيء فيه نجس، وهذا من الأثر.

أما بالنظر فقد قالوا: إن كانت الحياة فيهما لا تقوى على الطهارة لهما فمن باب أولى أن يضعف الدباغ عن تطهيره؛ لأن الحياة هي أصل، وقلنا: إن الدباغ يلحق بها.

إذاً: يقول المالكية: أي جلد ينتفع به، لكن بقيد وشرط، وهو أن ينتفع به ظاهراً لا باطناً؛ لأن باطنه احتك بالجلد؛ والجلد احتك باللحم، وهذا حكم بالمجاورة، وأيضاً الحنابلة في استدلالهم بالنظر قالوا: الحكم بالمجاورة،؛ لأن الباطن جاور جلد الميتة، وجلد الميتة جاور اللحم، واللحم بالإجماع نجس، فإذاً المجاور يأخذ حكم ما جاوره.

فالمالكية فرقوا تفريقاً لطيفاً ألطف من قول الحنابلة، وقالوا: الظاهر لم يجاور لكن الباطن جاور، فالمجاور يأخذ حكم المجاور له، وقالوا: الباطن لا يصح الانتفاع به للنجاسة.

إذاً: المالكية قالوا: ينتفع بكل شيء حتى الكلب والخنزير، لكن بقيد وشرط وهو: الانتفاع به ظاهراً لا باطناً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015