أما القول القديم فقالوا: لا ينتفع بالميتة ببيع ولا شراء، واستدلوا على ذلك بعموم قول الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ} [المائدة:3] إلى آخر الآيات، فقوله تعالى: (حرمت عليكم الميتة) أي: حرمت عليكم أكلاً وشراباً وسقاءً وفرشاً وجلداً وعصباً وعظماً وشعراً وكل شيء، فالميتة اسم جنس فيه ألف ولام، فيعم كل أجزاء الميتة، وعندنا دليل خاص في المسألة، فقد جاء في الحديث الصحيح عن جابر رضي الله عنه وأرضاه (أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم بيع الخمر والأصنام والخنزير، قال: والميتة)، فحرم بيع الميتة، وهذا على العموم يعني: حرم كل شيء يخص الميتة، فحرم بيع لحمها وشحمها وعظمها وعصبها وشعرها، وأيضاً جلدها حتى ولو دبغ؛ لأن الدليل المخصص لم يأت حتى الآن، وهذا بالأثر وبالنظر، قالوا: حتى لو قلتم لنا: يجوز البيع لأنه يجوز الانتفاع، فإن القاعدة عندنا وعندكم: أنه لا يستلزم جواز الانتفاع جواز البيع، ولا يلزم من إجازة الشرع للانتفاع جواز البيع، وهناك أمثلة من الشرع على ذلك: فالكلاب حرم الشرع بيعها بعد أن أجاز الانتفاع بها، فأجاز الانتفاع بالكلاب في الحراسة، وهذه مسألة خلافية أيضاً، فبعض العلماء قال: إن كلب الحراسة يجوز بيعه، وأنا لا أرجح هذا، والصحيح الراجح: أنه لا يجوز بيع الكلاب بحال من الأحوال، لكن يجوز الانتفاع بها.
مثال آخر: عسب الفحل، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه مع أنه جوز الانتفاع به.
إذاً القول القديم: لا يجوز البيع ولا الشراء، واستدلوا بهذه الأدلة التي سقناها.