وهذا يؤيده الأثر والنظر، أما من الأثر: فقوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان:48]، ولم يذكر: (طاهراً)، وقوله صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن ماء البحر فقال: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته)، ولم يذكر (طاهراً).
وقلنا: إن الطهور لا بد فيه من بيان معناه؛ حيث وأن الأدلة جاءت مجملة، غير مبينة لمعنى (الطهور)، ولعل سائلاً يسأل: ما معنى الطهور المذكور في الآية والحديث؟ فيجاب بأن الطهور يطلق على أمرين: الأول: الطاهر في نفسه.
والثاني: الطاهر في نفسه المطهر لغيره، وعند ذلك يتضح لنا معنى الإجمال في قوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [الأنفال:11]، فإنه قد جاء بيان هذا المجمل بقوله: {لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال:11]، فتعدى الطهارة ليصبح طاهراً مطهراً لغيره.
وأما من النظر: فإنك إذا نظرت إلى الماء وجدته باقياً على أصل خلقته لم يتغير منه أحد أوصافه الثلاثة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الماء طهور لا ينجسه شيء، إلا ما غير طعمه أو لونه أو ريحه)، وهذه الزيادة في الحديث، وإن كانت ضعيفة، إلا أن الإجماع وقع عليها، فإذا تغير أحد أوصاف الماء بشيء طاهر خالطه فعند ذلك قد يسأل سائل: تحت أي قسم من أقسام المياه يندرج هذا لدى الأحناف وابن تيمية، فمثلاً: ماء اختلط به كافور، أو ورد، أو مسك؟ ف
صلى الله عليه وسلم أنه يندرج تحت قسم الطهور).