قوله: (على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين) , اختلف العلماء في آل النبي صلى الله عليه وسلم على أقوال ثلاثة: القول الأول: كل مؤمن تقي بار, وبعضهم قال: كل الأمة هم آل النبي صلى الله عليه وسلم, والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن آل فلان ليسوا بأوليائي إنما أوليائي المتقون)، فالآل هو: الولي الذي يناصر ويظاهر وينشر سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
القول الثاني: قال الشافعي: هم بنو هاشم وبنو عبد المطلب, وهما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لم يتفرقا في الجاهلية ولا في الإسلام) لم يفترقا بحال من الأحوال, لذلك رجح الشافعي أن آل النبي صلى الله عليه وسلم هم: بنو هاشم وبنو عبد المطلب.
القول الثالث: آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم هم عترته فقط.
والتحقيق أن نقول: آل النبي يذكرون على الانفراد ويذكرون مع غيرهم, فإذا ذكروا على الانفراد فالمقصود بهم: كل تقي بار, وإذا ذكروا على الاجتماع فالمقصود بهم: عترة النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم ذكر المصنف الباعث له على تصنيف هذه الرسالة، وقد كان العلماء ليسوا مثلنا تعج الأسواق بالكتابات، فالإمام أحمد نفسه عندما سئل أن يكتب أو يصنف قال: أكتب حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
فالمصنف يبين الباعث لكتابته لهذا المتن المختصر, وهو أنه سأله بعض الأصحاب أن يكتب لهم مختصراً في فقه الإمام الشافعي، ويقرب لهم هذا الفقه وأصول هذا المذهب الذي تبنوه, فالباعث له كان حاجة الناس لأن يكتب, وكثير من الناس شرحوا هذا المختصر، وهذا علامة ودلالة وإشارة على إخلاصه في تصنيفه، لأنه ما صنفه لنفسه ولا لذاته, ولكن صنفه من أجل حاجة الناس, ومثل ذلك البخاري في صحيحه الذي جمع فيه حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وأحوال النبي صلى الله عليه وسلم, وأقوال النبي صلى الله عليه وسلم, وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم, فقد قال: وجدت الناس في حاجة ماسة لأن يعرفوا أحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فكان هذا الباعث له لكتابة الصحيح، والشافعي في مرض موته قال: تمنيت من الله أن يتعلم الناس علومي ولا ينسبوا لي حرفاً واحداً, فهذه دلالة على الإخلاص, نسأل الله جل في علاه أن يجعلنا من المخلصين المخلَصين الذين يعملون لله جل في علاه.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.