الآداب التي تتقدم بين يدي الاغتسال كثيرة منها: ألا يغتسل المرء عرياناً إذا كان في خلاء كحمام، أما بين الناس فيجب ستر العورة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (احفظ عورتك)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير) وفي رواية: (أما أحدهما فكان لا يستنزه من بوله)، وفي رواية أخرى: (لا يستتر من بوله) يعني: ما حفظ عورته عن الناس.
فيجب حفظ العورة بين الناس، أما إن كان خالياً فيستحب أن يستتر بسراويل أو بإزار أو بملحفة، والدليل على ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (احفظ عورتك، قيل: إذا كان أحدنا خالياً؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الله أحق أن تستحي منه).
أما دليل جواز أن الإنسان يغتسل عارياً دون أن يستتر الحديث الذي في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه: (أن بني إسرائيل كانوا يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى عورة بعض، وكان موسى عليه السلام لا يغتسل معهم حتى لا ترى عورته، فكان يغتسل وحده عرياناً، وأنه خلع ثوبه ووضعه على الحجر فاغتسل عرياناً) ثم ذكر: أن الحجر هرب بثوب موسى، وكان لله جل في علاه حكمة في ذلك؛ ليري بني إسرائيل براءة موسى عليه السلام مما اتهموه به، فكان يقول: (ثوبي حجر! ثوبي حجر! حتى نظر إليه بنو إسرائيل)، فهم كانون يعيبون عليه أنه آدر، فلما نظروا إليه قالوا: والله ما به من عيب، فأراد الله أن يبين لهم أنه ليس فيه ثمة عيب.
فهذا دليل يدل على الجواز، لكن الأولى والأكمل والأحسن أن يغتسل المرء وهو مستتر بثوبه، وهذا كان فعل كثير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
من الأدب أيضاً: ألا يسرف بالماء فالإسراف مذموم في كل شيء قال الله: {كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا} [الأعراف:31].
وهناك حديث ضعفه المحدثون ولكن صححه الشيخ الألباني: (لا تسرف ولو كنت على نهر جار)، وكان جابر رضي الله عنه وأرضاه إذا سئل عن اغتسال النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد) والصاع أربعة أمداد، وهذا روته أيضاً عائشة رضي الله عنها وأرضاها وأيضاً أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه.
ومن الآداب التي تكون بين يدي الاغتسال: أن يسمي الله عند الوضوء، وأن يقول في آخره دعاء: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ لأنه قد توضأ خلال اغتساله، فيقول الدعاء على أنه الدعاء الخاص بالوضوء الذي كان داخلاً تحت الاغتسال.