الموجب الخامس: إسلام الكافر.
في المذهب قولان: القول الصحيح الراجح هو أنه لا اغتسال عليه، والدليل على ذلك: أن كثيراً من أهل الكفر دخلوا الإسلام ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالاغتسال، فمثلاً: عمرو بن العاص -كما في الصحيح- جاء يبايع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قبض يده، فقال له: علامَ يا عمرو؟! فقال له عمرو بن العاص: أشترط، قال: وما تشترط؟ قال: أشترط أن يغفر لي ما سبق، يعني: من الذنوب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أما علمت أن الإسلام يجب ما قبله)، ولم يأمره بالاغتسال وقد دخل في الإسلام وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهاً لوجه وكذلك أبو قحافة؟ فـ أبو بكر أتى بأبيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم على يد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمره بالاغتسال، فهذه أمثلة كثيرة تثبت لنا أن كثيراً من أهل الكفر دخلوا الإسلام ولم يؤمروا بالاغتسال، فالغسل بالنسبة لإسلام الكافر على الاستحباب وليس على الوجوب فلا يصح أن نقول: هو موجب للغسل، بل نقول: يستحب للكافر إذا أسلم أن يغتسل، وهذا الراجح الصحيح.
وإذا أسلم الكافر وكان جنباً أي أنه جامع امرأته، أو كان نائماً فاحتلم، وفي الصباح أدخل الله الإسلام وحب الإسلام في قلبه، فدخل الإسلام وأراد أن يصلي الفجر فله حالتان: الحالة الأولى: أن يكون قد أسلم ولم يغتسل من الجنابة، فله وجهان في المذهب الشافعي! الوجه الأول قالوا: عليه الاغتسال، واستدلوا على ذلك بعموم قول الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:6].
وهو قد أسلم حال كونه جنباً، فينزل تحت الآية.
الوجه الثاني: أنه لا اغتسال عليه، واستدلوا على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (التوبة تجب ما قبلها)، و (الإسلام يجب ما قبله) والراجح في المذهب: هو الوجه الأول؛ لأنه قد أسلم حالة كونه جنباً فإذاً الآية تخاطبه.
الحالة الثانية: أن يكون قد اغتسل ولكن ليس بنية إزالة الجنابة، وهذا أيضاً فيه وجهان: الوجه الأول: أن يعتد باغتساله، والصحيح الراجح: أنه لا يعتد بهذا الاغتسال؛ لأن الاغتسال له شروط وهي: النية فلابد من وجودها لحديث: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى).