وضع النوعي هو وضع التراكيب، وضعت العرب ضَرَبَ زيدٌ عمرًا مثلاً، ضَرَبَ فعلٌ، وزيدٌ يذكر كمثالٍ لكون فاعلاً بمعنى أن ضَرَبَ قد يُسْنَدُ إلى زيد وقد يسند إلى عمرو وقد يختلف باختلاف الأزمان والإعصار، فالعرب وضعت ضرب للدلالة على أن فاعل قد أحدث هذا الحدث، وأما كونه زيدًا أو عمرًا أو خالدًا هذا لم تضعه العرب، وإنما التركيب يكون بقصد المتكلم، فلا يصير ضرب خبرًا عن زيدٍ بوضع اللغة، بل بمن قصد إثبات الضرب فعلاً له، وإنما الذي يعود إلى وضع اللغة أن ضرب لإثبات الضرب لا لإثبات الخروج، وأنه لإثباته في زمنٍ ماضٍ دون المستقبل، فأما تعيين من ثبت له فإنه يتعلق بمن أراد ذلك من المخبرين. إذًا الذي يُسند ضَرَبَ إلى الفاعل نقول الفاعل هذا يختلف من شخصٍ إلى شخصٍ آخر، ماذا صنعت العرب؟ وضعت ضرب للدلالة على الضرب بعينه الحدث الخاص لا الخروج ولا الأكل ولا الشرب ولا غيره. وثانيًا: للدلالة على أن هذا الحدث قد وقع في الزمن الماضي.

ثم التركيب بمعنى أنك تقدم الفعل على الفاعل، وبمعنى أن الفعل أَثَّرَ في الفاعل فأحدث فيه ضَمًّا هذا هو النوع القاعدة العامة وهذا تركه بعض البيانيين.

إذًا هذا حد الحقيقة العقلية (وَإِنْ إِلَى غَيْرِ مُلاَبِسٍ) عين ملابسٍ (مَجَازٌ أَوَّلاَ) (وَإِنْ إِلَى) من يُقَدِّر؟

أُسْنِدَ الفعل أو معناه إلى غيرٍ يعني: غير الفاعل والمفعول المرفوع (مُلاَبِسٍ) بشرط أن يكون ملابسًا للفعل، ملابسات الفعل تختلف (مَجَازٌ)، إذًا إذا فهمت الحقيقة العقلية فهمت المجاز العقلي، ملابسات الفعل مختلفة إن أُسْنِدَ الفعل إلى الفاعل يعني: الذي فعله بالفعل وهو وصفٌ له فهو حقيقةٌ عقلية، وكذلك المفعول المرفوع ما عدا هذا إن كان ثم ملابسة وهذا شرط في المجاز فحينئذٍ يكون مجازًا عقليًا، وإن أُسند الفعل أو معناه إلى غيرٍ، هكذا في النسخة التي موجودة معكم، وفي ((دفع المحنة)) إلى عين ملابسٍ، يعني: ذات، فسرها بذات إلى عين ملابَسٍ الأصل بفتح الباء، الفعل هو الملابِس، والملابَس هو المتعلق به، أي: ذاتٌ أي: ذات ملابِسٍ غير ما هو له أو في معناه.

قال في الشرح: ووجد في النسخ بدل عين (غَيْرِ) بالراء وهو سهوٌ من الناظم أو تحريفٌ من الناسخ، يعني: يرى أن هذه النسخة التي معنى (غَيْرِ) هي عين، وضعت النقطة وجعلت النون راء، ويقول: هذا سهوٌ من الناظم - إن صح نسبته إلى الناظم - أو تحريفٌ من الناسخ. إذ لا كلام في غير الملابس، غير الملابس بالفعل وما في معنى الفعل ليس بالمجاز لماذا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015