إما أن يريد إفادة المخاطَب، أنت ما تعلم زيد مسافر ما تدري جئتَ قلتُ لك: زَيْدٌ مُسَافِر، أَوْ سَافَرَ زَيْد. ما المراد بهذا الخطاب بهذا الخبر، إفادة المخاطَب مدلول اللفظ، بمعنى أنه لا يدري عن سفر زيد قلتُ له: زَيْدٌ سَافَرَ. هذا يسمى ماذا؟ يسمى إفادة المخاطَب نفس الحكم الذي دلّ عليه زَيْدٌ سَافَرَ.
النوع الثاني: لا يُراد بالخبر إفادة المخاطَب، لأنه يعلم مدلول اللفظ، لكن ثَمَّ أمر آخر يشير إليه المتكلِّم بكلامه، وذلك فيما إذا أراد أن يُخْبِرَ المخاطَب بأنه يعلم الحكم كما علمه المخاطَب زيد يكون عندك في البيت تعلم أن زيد عندك أو لا؟ تعلم قطعًا موجود في البيت فأقول لك: زَيْدٌ عِنْدَكَ الْبَارِحة تَعَشَّى عِنْدَك. أنت تدري أو لا تدري؟
تدري قطعًا، إذًا إخباري لم يُقْصَد به إفادة المخاطَب مدلول اللفظ وإنما أراد به لازم الفائدة. وهي إذا قلت: زيد عندك يعني: أعلم أن زيدًا عندك كما تعلم أنت بأن زيد عندك، إذًا هذا يُسِمَّى ماذا؟ ليس فيه فائدة المخاطَب بمدلول اللفظ وإنما بلازم اللفظ.
هاتان فائدتان، فمن المعلوم أن العاقل إذا قصد بخبره إفادة المخاطب حينئذٍ إما أن يقصد نفس الحكم يعني الذي دل عليه اللفظ زَيْدٌ قَائِمٌ إذا أخبر من لا يعلم بقيام زيد، وهذا هو الأصل في الكلام، أو كون المتكلِّم والمخبِر عالمًا بالحكم كقولك لمن زيد عنده ولا يعلم أنك تعلم ذلك: زَيْدٌ عِنْدَك. هو يعلم أنه عنده في البيت ولكنك تقول: زَيْدٌ عِنْدَك. بمعنى أني أعلم ما تعلمه أنت وهو أن زيد عندك هذا يسمى الثاني لازم الفائدة.
وهذا الذي عناه الناظم من قوله: (إِنْ قَصَدَ المُخْبِرُ نَفْسَ الحُكْمِ). يعني: بإخباره (فَسَمِّ ذَا) أي: المقصود الكلام أو الخبر. (فَائِدَة) فائدة الخبر، (وَسَمِّ) (لاَزِمَهَا) الضمير يعود للفائدة متى؟ إن قصد الإعلام بالعلم به، واضح هذا؟
إذًا كل عاقل إذا تكلم فالأصل فيه أنه لا يخرج عن هاتين الفائدتين.
نقول: العاقل لماذا؟ لأن النائم قد يقوم فيتكلم وكلامه لا يفيد المخاطَب ولا لازم الفائدة، والمجنون إذا تكلم كذلك لا يفيد المخاطَب ولا يفيد لازم الفائدة.