خَالُه، عندنا خال وابن أخته، ما علاقة أبو أم ابن الأخت بالخال من حيث الأبوة؟ يقول: أبو أمه أبوه، أبو أم الممدوح الذي هو ماذا؟ الخال، أبوه أليس كذلك؟ ما العلاقة بين الخال وابن الأخت؟ أبو أمه يعني أبو من الممدوح الذي هو إبراهيم بن هشام أبوه، إذا يكون ماذا؟ يكون من جهة الأبوة اجتمعا في الأبوة، لكن هذا نزل بدرجة لكونه ابن أخته، قال هنا: أي أحد يشبهه في الفضائل إلا مُمَلَّكًا يعني هشام أبو أمه، أي أبو أم هشام أبوه، أي أبو الممدوح، فالضمير في أمه للمُمَلَّك الذي هو هشام بن عبد الملك، وفي أبوه للممدوح، فوصل بين أبو وأمه وهو مبتدأ، وأبوه وهو خبره بحيٍّ وهو أجنبي، وكذا فصل بين حَيٍّ ويقاربُهُ وهو نعت حي بأبوه وهو أجنبي، وقدم المستثنى على المستثنى منه، إذًا صَعُبَ فهم المراد لكونه قَدَّمَ وأَخَّر لم يلتزم الترتيب الذي هو معهود عند النحاة بأن يجمع بين المبتدأ والخبر وبين النعت الموصوف وصفته، بل فرَّق بين النعت ومنعوته بأجنبي وهذا يؤدي إلى صعوبة الفهم، فهو في غاية التعقيد كما ترى؟

فالكلام الخالي من التعقيد اللفظي ما سَلِمَ نظمه من الخلل، فلم يكن فيه ما يخالف الأصل من تقديم أو تأخير أو إضمار أو غير ذلك إلا بقرينة، إن وجدت القرينة جاز التقديم والتأخر، إن وجدت القرينة جاز الإضمار وعدمه، إلا وقد قامت عليه قرينة ظاهرة لفظية أو معنوية - كما سيأتي في محله -.

السبب الثاني: ما يرجع إلى المعنى.

وهو ألا يكون انتقال الذهن من المعنى الأول إلى المعنى الثاني ظاهرًا، يعني يكون للفظ معنيان، أحدهما ظاهر والثاني غير ظاهر، يكون مراد الناظم أو المتكلم غير الظاهر، لكنه لم يجعل لعله قرينة تجعل الذهن ينتقل من الظاهر إلى غير الظاهر فحينئذ يكون وقع في إبهامٍ، كقول العباس بن الأحنف:

سأطلب بُعْدَ الدَّارِ عَنْكُمْ لِتَقْرُبُوا ... وتَسْكُبُ عَيْنَايّ الدُّمُوعَ لِتَجْمُلَ

(تسكب عيناي) كنى بسكب الدموع عما يوجبه الفراق من الحزن، وأصاب أليس كذلك؟ فراق ثم الدمع كنى بسكب الدموع عن الفراق، أصاب أم لا؟

أصاب لأن الفراق سبب لهطول الدموع، ثم طرد ذلك في نقيده وهو المسرة، المسرة يلزم منها عدم الدموع ليس فيه بكاء لأنه فرح يحصل باللُّقِيّ لكنه أطلق الجمود على عدم الدمع عند المسرة، وهنا أخطأ لماذا؟

لأنه ظن أن الجمود هو عدم الدمع مطلقًا وليس كذلك، بل الجمود إنما توصف به العين عند عدم الدمع إذا أراد البكاء، يعني: إذا أراد أن يبكي فلم يبك، وجمدت عينه، وأمَّا إذا لم يطلب البكاء فلم يبك لا يقال بأن العين جامدة، إذًا الجمود لا يوصف به إمساك الدمع إلا إذا طَلَبَ، وإمَّا إذا لم يطلب فلا، ثم طرد ذلك في نقيده فأراد أن يكني عما يوجبه دوام التلاقي من السرور بالجمود لظنه أن الجمود خلو العين من البكاء مطلقًا من غير اعتبار شيء آخر، وأخطأ، لأن الجمود خلو العين من البكاء في حال إرادة البكاء منها، فلا يكون كناية عن المسرة، وإنما يكون كناية عن البخل، فالكلام الخالي من التعقيد المعنوي ما كان الانتقال من معناه الأول إلى معناه الثاني الذي هو المراد به ظاهرًا حتى يُخَيّل إلى السامع أنه فهمه من حاق اللفظ، يعني من جانب اللفظ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015