يعني بعد التحقق بالعلمين السابقين، وهما علم المعاني وعلم البيان، (بَعْدَ رِعَايَةِ الْوُضُوحِ) أي وضوح الدلالة، ووضوح الدلالة إنما يكون بتحقيق علم البيان، أي الخلو عن التعقيد المعنوي، وقوله: (بَعْدَ) متعلق بالمصدر تحسن الكلام، (وَهْوَ تَحْسِيْنُ الكَلاَمْ) تحسين، متى يكون المحسِّن؟ (بَعْدَ رِعَايَةِ الْوُضُوحِ)، والمراد برعاية الوضوح المراد بها علم البيان. وعلمنا في ما سبق أن المراد بعلم البيان وكذلك علم المعاني، وكذلك كل العلوم المراد بها علم الرعاية، بأن تراعى بمعنى أنه يُلاحظها ويُطبقها من أجل أن توجد الْمَلَكَة، وأما مجرد حفظ القواعد هذا لا يُسمن ولا يُغني من جوع، بل لا بد من مراعاة هذه القواعد وتطبيقها من أجل أن تحصل له الْمَلَكَة، وحفظ قواعد النحو دون تطبيقها لا يفيد شيئًا، وحفظ قواعد الصرف دون النظر فيها في المفردات لا يفيد شيئًا، كذلك هنا قال: (بَعْدَ رِعَايَةِ الْوُضُوحِ، وَالمَقَامْ) أي وبعد رعاية المقام، أي مقام التخاطُب، بعد رعاية المقام أي مقام التخاطب، بأن يُؤتى بالكلام مطابقًا للحال كما سبق تفصيله، وذلك تنبيهٌ على أن هذه الوجوه إنما تعدٌ محسنِّةً للكلام بعد رعاية الأمرين، وإلا لكان كتعليق الدُّرِّ على أعناق الخنازير، هكذا قيل، كتعليق الدر على أعناق الخنازير فلا يفيد شيئًا، يعني تحسين الكلام على جهة الجناس، السجع .. ونحو ذلك، ثُمَّ الكلام لا يكون مطابقًا للحال ولا يكون مراعًى فيه وضوح الدلالة هذا كما قال: الشراح.