إذًا نقول: وضع لفظ أسد ليس للمشبه الذي هو الشجاع فلا يعمّه، وليس لما هو أعمّ من المشبه والمشبه به الذي هو الحيوان الجريء، لا للشجاع، ولا لمعنى أعم منهما من الحيوان المجترئ مثلاً، ليكون إطلاقه لفظ الأسد عليهما حقيقةً كإطلاق الحيوان عليهما، وهذا معلوم بالنقل عن أئمة اللغة العربية، يعني استعمال الأسد إنما هو للسبع المخصوص. ما الذي دلنا على ذلك؟ تنصيص أئمة اللغة على ذلك. إذًا ليس مدلول لفظ أسد الشجاع ولا ما هو أعم من المشبه به والمشبه، وعلى الشجاع إطلاق على غير ما وُضع له مع قرينة مانعة عن إرادة ما وضع له فيكون مجازًا لغويًا، إذا أطلق لفظ الأسد على الشجاع نقول: هذا استعمال للفظ في غير معناه، لأن أئمة اللغة نقلوا لنا أن لفظ الأسد إنما المراد به الحيوان السبع المخصوص، فإطلاقه على الشجاع مع قرينة وعلاقة نقول: استعمال للفظ في غير ما وُضع له وهذا هو المجاز اللغوي.
وقيل: مجاز عقلي. بمعنى أن التصرف فيها في أمر عقليّ لا لغويّ، ما سبق هو تنصيص ونقل من أئمة اللغة فاستُعمل اللفظ فيما وُضع له في لسان العرب إذا أريد به السبع المخصوص، وإذا أريد به غيره فهو مجاز لعلاقة مع قرينة، هذا أمر لغوي والمردّ فيه إلى السماع النقل، ما أذن فيه أهل اللغة فهو المعتمد، وما لم يكن كذلك فلا. هنا قالوا: لا، التصرف النقل إنما هو استعمال العقل لأنها لم تطلق - يعني الاستعارة - الذي هو لفظ الأسد على المشبه إلا بعد ادعاء دخوله في جنس المشبه به، يعني ادَّعَيْتَ أولاً دعوى مجرد دعوى تخيل أن هذا الرجل الشجاع هو فرد من أفراد الأسد، فالأسد له أفراد من جملة هذه الأفراد المشبه إذًا هذا أمر عقلي أم لغوي؟ قالوا: هذا أمر عقلي - على قولهم - هذا أمر عقلي. إذًا لم تطلق على المشبه إلا بعد ادعاء دخوله في جنس المشبه به، فإِنَّ جَعْلَ الرجل الشجاع فردًا من أفراد الأسد كان استعمالها فيه استعمالاً للفظ فيما وُضع له، هم أوردوا إيراد قالوا: نحن وأنتم مع الجمهور ندَّعِي أن الرجل الشجاع فرد من أفراد الأسد، إذًا إذا استعمل الأسد في هذا الفرد استعمال حقيقي أو مجازي؟ قالوا: استعمال حقيقي. إذًا استعمال اللفظ لفظ الأسد في الرجل الشجاع بعد ادِّعاء أنه من جنس المشبه به هذا حقيقي، فلا يكون مجازًا لغويًّا، بل حقيقةً لغوية، وليس فيها - في هذا التعبير - غير نقل الاسم وحده، ونقل الاسم المجرد ليس استعارة. على هذا الكلام ليس عندنا في الاستعارة إلا نقل اللفظ من الأسد مدلوله إلى الرجل الشجاع، وهل هذا هو الاستعارة؟ قالوا: لا. إذا لم يكن هذا الاستعارة إذًا ليس عندنا إلا شيء آخر وهو التصرف العقلي، فصارت مجازًا عقليًّا.