إذًا (أَوْ كَأَنَّ) على مذهب الزجاج متى؟ إذا كان الخبر جامدًا، نحو كأن زيدًا أسدٌ، في هذا التركيب كأن للتشبيه، لماذا؟ لكون الخبر وهو أسدٌ جامدًا، يعني يدل على ذات ليس مشتقًا، كأن زيدٌ أسدٌ كأن هنا للتشبيه، وللشك إذا كان مشتقًا نحو كأنك قائمٌ، كأنك قائمٌ ليست للتشبيه عند الزجاج وإنما هي للشك. إذًا ثَمَّ فرقٌ، وقيل هي للتشبيه مطلقًا سواء كان الخبر جامدًا أو مشتقًا، وهو مذهب الجمهور، أكثر البيانين على أن (كَأَنَّ) للتشبيه مطلقًا سواء كان الخبر جامدًا أو كان الخبر مشتقًا، وظاهر كلام الناظم هنا الإطلاق لأنه لم يقيدها. قال: (أَوْ كَأَنَّ). فأطلق حينئذٍ يحمل على ما إذا كان الخبر جامدًا أو مشتقًا.

(أَوْ كَمِثْلِ) أي ومثل، وَمثل مثل شبه وما في معناهما ولفظة نحو وما يؤدي معناها نحو قولك زيد مثل الأسد، كلمة مثل هذه تفيد التشبيه زيد مثل الأسد، زيد شبه الأسد، زيد نحو الأسد، كل هذا أداة تشبيه. ولذلك قال: (أَوْ كَمِثْلِ). لم يقل أو مثل قال: (أَوْ كَمِثْلِ) يعني المثل ومثل المثل، كنحو وشبه ونحو ذلك، واضح؟ ولذلك أدخل الكاف على مثل، يعني ليست مثل فحسب، وإنما هي وما كان بمعناها، زيد مثل الأسد.

إذًا هذه ثلاث أدوات: الكاف، وكأن، ومثل وما كان نحو مثلٍ.

والأصل في الكاف ونحوها مما يدخل على المفرد كلفظ: نحو، ومثل، وشبهه. أن تدخل على الْمُشَبَّه به لفظًا - هذا مما يتعلق بالأداة - أن تدخل الكاف وما كان داخلاً على مفردٍ أن تدخل على الْمُشَبَّه به لفظًا أو تقديرًا، زيدٌ كالأسد، أين دخلت الكاف وهي أداة تشبيه؟

على الْمُشَبَّه أو على الْمُشَبَّه به؟

على الْمُشَبَّه به، هذا هو الغالب والأصل فيها، هذا هو الأصل فيه أن تدخل على الْمُشَبَّه به لفظًا كالمثال المذكور زيدٌ كالأسد، أو تقديرًا: زيدٌ أسدٌ، على المثال السابق زيدٌ أسدٌ، وعلى الصحيح أن هذا استعارة أو تشبيه؟ قلنا: ثَمَّ ما هو مختلفٌ فيه، والصحيح أنه تشبيهٌ اصطلاحي وليس باستعارة.

ومثله أي المحذوف وهو المقدر قوله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} [البقرة: 19] التقدير في الآية أو كمثل ذَوِي صَيِّبٍ، فالمثل الْمُشَبَّه به قد ولي الكاف لأن المقدر في حكم الملفوظ {أَوْ كَصَيِّبٍ} أو كمثل صيبٍ يعني ذوي أصحاب صيبٍ، فدخلت الكاف هنا على محذوف، والذي هو مثل حينئذٍ حُذِفَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015