يعني لا يتبرأ لكونه رسولاً لا يتبرأ من الهلاك الذي هو الموت فإنه خطابٌ للصحابة وهم عالمون بأنه غير جامعٍ للرسالة والتبرئة من الهلاك لكنهم لما استعظموا موته نُزِّلَ مُنَزّلة إنكارهم إياه فاستعمل له النفي وإلا.

مثال القلب - يحتاج إلى تأمل - قوله تعالى: {إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا} [إبراهيم: 10] الأول قصر إفرادٍ يعني: قصر على الرسالة دون التبري من الموت هنا قصر قلبٍ {إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا} فالمخاطبون مَنْ؟ الرُّسل المخاطَبون بهذا الخطاب الرسل، والمخاطِبون هم الكفار {إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا} فالمخاطَبون وهم الرسل لم يكونوا جاهلين بأنه بشر أليس كذلك؟ لأن الخطاب هنا {إِنْ} هذه الـ (إن إيش نوعها؟ نافية الدليل {إِلاَّ} في جوابها {إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ} الأصل في [ما {إِلاَّ}] (?) {إِنْ} و {إِلاَّ} أن يكون المخاطب يجهل إذًا الرسل على هذا يجهلون أنه بشر؟ ليس المراد ذلك. لأن الرسل لم يكونوا جاهلين بأنهم بشر ولا منكرين لكنهم نُزِّلُوا مُنَزّلة المنكرين لاعتقاد القائلين لهم اعتقاد وهو الكفار أن الرسول لا يكون بشرًا، أليس كذلك؟ الرسول لا يكون بشرًا مع إصرار المخاطبين وهم الرسل على إدعاء الرسالة، هم أرادوا أن ينفوا الرسالة، لماذا؟ بكونهم بشرًا والرسالة لا تجامع البشرية عندهم. قالوا: {قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا} [يس: 15] إذا كنتم أنتم بشر حينئذٍ لا يكون رسولاً إلا من كان ملك وأنتم لستم ملائكة إذًا أنتم لستم برسل هذه النتيجة. على إدعاء الرسالة فنزلهم القائلون منزلة المنكرين للبشرية لما اعتقدوه من التنافي بين البشرية والرسالة، ثَمّ تنافي في عقولهم بين البشرية والرسالة فقلبوا الحكم فقالوا: {إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا} [إبراهيم: 10] أي مقصرون على البشرية ليس لكم وصف الرسالة التي تدعونها، وأما إنما فالأصل فيها تستعمل في ما لا يُنكره المخاطَب بأن يكون معلومًا، كقولك إنما زيدٌ أخوك لمن يعلم ذلك ويقر به ترقيقًا عليه، إنما زيدٌ أخوك هو يعلم هذا (أَوْ ذَا يُبْدَلُ) ما هو؟ (ذَا) المشار إليه (أَوْ ذَا)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015