الْقَصْرُ بَيْنَ خَبَرٍ وَمُبْتَدَا ** يَكونُ بَيْن فاعِلٍ) وفعل (بين فعل وفاعل) إلى هنا ينتهي البيت (?) (وَأَيْضًا مِثْلَ مَا الْقَصْرُ بَيْنَ خَبَرٍ وَمُبْتَدَا) يعني مثل ما يكون القصر بين خبر ومبتدأ، وهذا عرَّجنا عليه في أول البحث يعني يكون القصر بين مبتدأ وخبر وهذا واضح. قال: كذلك يكون بين فعل وفاعل. ما قام إلا زيد هذا حصل القصر بين ماذا هنا؟ بين الفعل والفاعل ما زيد إلا قائم بين مبتدأ وخبر هذا مراده بالبيت، (وَأَيْضًا) مصدر آضَ إذا رجع منصوب على المفعولية المطلقة دائمًا والعامل فيه محذوف وجوبًا (مِثْلَ مَا) مثل الذي يكون القصر بين خبر ومبتدأ كما تقدم الأمثلة السابقة يكون بين فعل وفاعل نحو: ما قام إلا زيد. وغيرها كالفاعل والمفعول نحو: ما ضرب عمرًا إلا زيدٌ. والمفعولين كذلك ما أعطيت زيدًا إلا درهمًا يعني لم أعطيه شيئًا من الأشياء إلا درهمًا وغير ذلك من المتعلقات. إذًا القصر يكون في الجملة الاسمية بين المبتدأ والخبر، ويكون في الجملة الفعلية. يكون بين ركني الإسناد المبتدأ والخبر، وفعل وفاعل، ويكون بين متعلقات كذلك كالحال وبنا جار ومجرور.
ثم قال:
............... ... ................. وَمَا بَدَا
مِنْهُ فَمَعْلُومٌ وَقَدْ يُنَزَّلُ ... مَنْزِلَةَ المَجْهُولِ أَوْ ذَا يُبْدَلُ
خليكم معي (وَمَا بَدَا مِنْهُ) يعني والذي ظهر (بَدَا) بمعنى ظهر (مِنْهُ) أي من القصر. (فَمَعْلُومٌ) أي: جار على مقتضى الظاهر. والمراد - انتبه لهذه المسألة - أن أصل النفي والاستثناء أن يكون لمخاطب يجهل ما استُعْمِل له، إذا استعملت القصر بما وإلا الأصل أن يكون المخاطب يجهل ما استعمل فيه ما وإلا، وهو إثبات الحكم المذكور إن كان قصر إفراد أو نفيه إن كان قصر قلبٍ وينكره. إذًا المراد هنا أن المخاطب إنما يخاطب بشيءٍ يجهله. إذًا هذا الأصل بخلاف إنما فإن أصله أن يكون الحكم مما يعلمه المخاطب. إذًا إذا قصرت شيئًا بما وإلا فالمخاطب الأصل فيه أنه يجهله، وإذا قصرت بـ إنما فالأصل أنه يعلمه. إن فعلت هذا على هذا النمط فهو على وفق الظاهر، وقد يعكس يعني: يستعمل ما وإلا في المعلوم، ويستعمل إنما في المجهول، واضح؟
إذًا الثاني أن نقول: خرج عن مقتضى الظاهر. ولذلك قال: (وَمَا بَدَا) أي ظهر (مِنْهُ) أي من القصر (فَمَعْلُومٌ) أي جارٍ على مقتضى الظاهر فيما ذكرناه سابقًا، أن أصل النفي والاستثناء لكل مخاطبٍ يجهل ما استُعمل له، والذي استُعمل له ما هو إثبات الحكم المذكور ونفيه على جهة القصر قصر إفراد أو غيره بخلاف إنما فإن أصله أن يكون الحكم من ما يعلمه المخاطب ولا ينكره.