فأقسام القصر أربعة، لأنه قصر حقيقي وغير حقيقي وهو الإضافي كما مر، وكل واحد منهما ضربان:
قصر موصوف على الصفة.
وقصر الصفة على الموصوف.
والأول من الحقيقي كقولك في ما مرّ: ما زيد إلا كاتب. إذا أردت ألا يتصف بصفة غير الكتابة، يعني لا صفة له غيرها، وهذا لا يكاد يوجد في الكلام لأنه ما من متصور إلا وتكون له صفات تتعدّى الإحاطة بها أو تعسر، والثاني منه يعني قصر الصفة على الموصوف حقيقي ما في الدار إلا زيد، ومرّ معنا، والفرق بينهما ظاهر فإن الموصوف في الأول لا يمتنع أن يشاركه غيره في الصفة المذكورة: ما زيد إلا كاتب. وقصر الموصوف على الصفة، قلنا: هذا نادر. لكن هل يمكن أن يشاركه غيره؟ نعم، والثاني الذي: ما في الدار إلا زيد يمتنع مشاركته غيره له. إذا قلت: ما في الدار إلا زيد. يعني لا يوصف بالوجود في الدار إلا واحد فقط وهو زيد، هذا يمتنع أن يشاركه غيره، لماذا؟ لأنه من قصر الصفة على الموصوف، وأما قصر الموصوف على الصفة فهذا لا يمتنع الشركة: ما زيد إلا كاتب. إذًا غير زيد كاتب كذلك يوصف بالكتابة، ومثال الأول من الإضافة [قصر الصفة] لا قصر الموصوف على الصفة: ما زيد إلا كاتب، لمن اعتقد اتصافه بالكتابة والشعر، يعني ما زيد إلا كاتب يحتمل أن يراد به ماذا؟ الحقيقي، قلنا: هذا ممتنع لكن له وجه آخر يعني اللفظ جائز لكن باعتبار آخر وهو أنه يكون في مقابلة ماذا؟ في مقابلة من اعتقد أنه كاتب يعني كصحفي مثلاً وشاعر، حينئذٍ نقول: ما زيد إلا كاتب. يعني لا شاعر، حينئذٍ ما زيد إلا كاتب لمن اعتقد اتصافه بالكتابة والشعر فجاز التركيب، أما كونه من قصر الموصوف على الصفة وهو حقيقي، لا، وإنما يكون من الإضافي.
ومثال الثاني منه يعني قصر الصفة على الموصوف: ما كاتبٌ إلا زيد. انتبه أن المقصور عليه هو الذي يكون بعد إلا، هذا في ما إلا، وأما في إنما فهو الذي يكون متأخرًا {إِنَّمَا اللهُ إِلَهٌ} [النساء: 171] حصرت الله عز وجل قصرته على الإلوهية {إِلَهٌ وَاحِدٌ}، ما زيد إلا عالم، المقصور عليه عالم، ما عالم إلا زيد المقصور عليه زيد، واضح هذا؟ إذًا ما بعد إلا هو المقصور عليه، وأما في (إِنَّمَا) فإنما يكون المتأخر، إنما زيد عالم. المقصور في عالم، إنما العالم زيد المقصور في زيد، واضح؟ انتبه!
إذا المثال الثاني منه أي قصر الصفة على الموصوف ما كاتب إلا زيد عكس الأول. الأول قلنا ما زيد إلا كاتب هنا قصر الصفة على الموصوف ما كاتب إلا زيد، زيد هو الموصوف وقصرت عليه صفة الكتابة، هذا لمن اعتقد اشتراك زيد وعمرو في الكتابة، لمن اعتقد أن زيد من الناس عمرًا اشتركا في الكتابة وعمر ليس بكاتب، حينئذ تقول: ما كاتب إلا زيد. جعلت زيدًا الموصوف مقصورٌ عليه وصف الكتابة هذا من في مقابلة من اعتقد الاشتراك بين زيد وعمرو، ما كاتب إلا زيد لمن اعتقد اشتراك زيد وعمرو في الكاتبة ويسمى هذا قصر إفراد. القصر للإضافي ثلاثة أنواع: