(وَالْفِعْلُ) وما أشبهه يعني: وما يعمل عمله من اسم الفاعل واسم المفعول ونحوهما، فهو المسند فعلاً كان أو اسمًا يعمل علمه، (إِنْ تَقَيَّدَا) الألف للإطلاق بالمفعول سواءً كان مفعولاً مطلقًا، أو به، أو له، أو فيه، أو معه، لأنه أطلق المفعول، ونحوه يعني: نحو المفعول مثل ماذا؟ كالحال والتمييز والاستثناء، نحو قولك: ضربت ضربًا شديدًا (فَلِيُفِيدَ زَائِدَا)، ضربتُ هذا فعل وفاعل، أين المسند؟ ضرب، أين المسند إليه التاء، إذًا إذا قلت: ضربتُ، هل هو في المعنى مثل: ضربت ضربًا شديدًا؟ لا، ليس مثله، إذًا لما قلت: ضربًا شديدًا زاد في المعنى (فَلِيُفِيدَ زَائِدَا) هنا قيدت الفعل بالمفعول المطلق ووصفته بكونه شديدًا، حينئذٍ زاد المعنى، فكل ما قيدت الفعل بمقيدٍ ما من مفعولٍ أو نحوه من الفضلات سواءٌ كانت منصوبة أو مخفوضة فحينئذٍ يزيد في المعنى، فإذا قلت: ضربت ضربًا شديدًا أو ضربت زيدًا شربًا شديدًا زاد أو لا؟ زاد المعنى، لأنك ذكرت المفعول به في الأول تقول: ضربت ضربًا شديدًا أخفيت المفعول به، أوقعت الضرب على من؟ أخفيته. ومن حقك هذا، فإذا قلت: ضربت زيدًا أفصحت، إذًا زاد المعنى، ضربت ضربًا شديدًا أو ضربت زيدًا ضربًا شديدًا يوم الجمعة زاد المعنى؟ زاد المعنى، أمامك أو تأديبًا أو جلست والسارية، أو جاء زيدٌ راكبًا، وطاب محمدٌ نفسًا، وما ضربت إلا زيدًا، فهذه كلها مقيدات يعني: تفيد الفعل زيادة معنى، فهي تقيد المسند وتزيده، وتزيده معنًى وتعتبر مقيدات وتفاصيل له، (فَلِيُفِيدَ) هذا القيد المسند معنًى زائدًا ويزاد الحكم بها، فإن تقيد المسند بقيدٍ زائد حينئذٍ يُعتبر تخصيصًا له، كل ما ذكرت تقيدًا فقد خصصته، إذا قلت: ضربت ولم تذكر المفعول به فيه عموم، أليس كذلك؟ فيه عموم وشمول، ما تدري ضربت من؟ ما تدري ضربت من زيد عمرو .. إلى آخره، إذا قلت: ضربت زيدًا حصل تخصيص أم لا؟ ضربت زيدًا ضربًا خفيفًا، وسطًا، شديدًا ما تدري؟ فإذا قلت: ضربت زيدًا ضربًا شديدًا، عَيَّنْت خصصت، ما تدري أين ضربته؟ ضربت زيدًا ضربًا شديدًا عند بيته، لا تدري ضربته أمام أحد أم لا؟ ضربت زيدًا ضربًا شديدًا عند بيته أمام أبيه، حصل تخصيص أو لا؟ كل ما زاد قيدٌ حصل تخصيصٌ للمعنى، (فَلِيُفِيدَ) هذا القيد المسند معنًى زائدًا ويزاد الحكم بها، فإن تقيد المسند بقيدٍ زيادةُ تخصيصٍ له، وكل ما ازداد تخصيصًا ازداد الحكم بعدًا، كما أنه كل ما ازداد عمومًا ازداد قربًا، هذا التفصيل السابق.
ثم قال: (وَتَرْكُهُ لِمَانِعٍ مِنهُ). (وَتَرْكُهُ) الضمير يعود إلى التقييد، (وَتَرْكُهُ) أي: التقْيِيد أو التقَيُّد بشيءٍ مما ذُكِرَ يكون (لِمَانِعٍ مِنهُ) يعني: من زيادة الفائدة، والمانع مثلاً كانتهاز فرصة أو الاختصار، أو عدم العلم بمقيدات وإرادة ألا يتطلع عليه الحاضرون ونحو ذلك، مثلاً لو ضربت، أنت تعلم أنك ضربت زيد لكن ما تريد أن تخبر بأن الضرب قد وقع على زيد فتخفي، تقول: ضربت. وتسكت عن البقية لماذا؟ سترًا لزيدٍ أو لنفسك أنت، وكذلك ما يتعلق بالحال والتمييز ونحوها.