قال الناظم رحمه الله تعالى: (بسم الله الرحمن الرحيم). وهذه ذكرها بعض الشراح وشرحها كأنها من النظم (بسم الله الرحمن الرحيم) أي: أُؤلف أو أنظم يعني: نقدر أن الباء هنا أصلية، فحينئذٍ لا بد لها من متعلق تتعلق به، وتقديره يكون فعلاً مؤخرًا خاصًا، فعلاً لأن الأصل في العمل للأفعال، ومؤخرًا للاهتمام وإفادة القصر والحصر، (بسم الله) لا بسم غيره كما هو الشأن في {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]، ... {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} أي: لا نعبد إلا أنت، إلا الله وهي معنى لا إله إلا الله، ... (بسم الله) أنظم أي: لا باسم غيره ففيه الحصر والقصر، وسيأتي الباب الخاص به في محله إن شاء الله تعالى، والاهتمام أنه لم يقدم على اسم الله تعالى شيئًا البتة، وإنما بدأ به، وكونه خاصًا يعني: لا عامًا. (بسم الله الرحمن الرحيم) أؤلف وهذا خاص، ما قال: أبدأ. لو قال: أبدأ. هذا عام، تبدأ ماذا؟ التأليف الأكل الشرب .. إلى آخره، نقول: كونه خاصًا لأنه أدل على المقصود، لأن كل من بسمل إنما جعل البسملة لِمَا ابتدأ به وشرع فيه، فالذي يأكل يقول: بسم الله الرحمن الرحيم آكل، والذي يشرب بسم الله الرحمن الرحيم أشرب، والذي ينام أنام .. وهكذا .. فكل فعل يدل على المقصود، أي: أؤلف أو أنظم حال كوني مستعينًا يعني: الباء هنا بمعنى الاستعانة وهي كما ذكرنا أنها أصلية، وإذا كانت أصلية حينئذٍ لا تكون زائدة، وإذا كانت أصلية حينئذٍ لا بد لها من متعلق تتعلق به.
لا بُدَّ لِلجَارِّ مِنَ التَّعلُّقِ ... بِفِعْلٍ اوْ مَعْنَاهُ نَحْوُ مُرتَقِي
وهذا هو الأصل، مستعينًا (بسم الله)، (بسم الله) والاسم مشتق من السمو، والسمو هو العلو على الصحيح، فيكون وزنه افْعٌ، والاسم في اللغة ما دلَّ على مسماه، وعرفًا ما دلَّ على معنى في نفسه غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة، قلنا مشتق من السمو وهو مذهب البصريين وهو العلو لأن الاسم علا على مسماه لذلك اشتق منه، والاسم مضاف ولفظ الجلالة مضاف إليه، والإضافة هنا أفادت العموم (بسم الله) يعني: بسم هو لله أي: بكل اسم هو الله، يعني مستعين هنا استعان بماذا في فعله؟ استعان بكل أسماء الله تعالى، ولذلك أقول: لو لم يستفد دارس هذه الكلمة العظيمة (بسم الله الرحمن الرحيم) لو لم يستفد إلا هذه الفائدة لكفاه، أنه يستحضر بقلبه - هنا يأتي العمل، الذهن والمعلومات ما تكفي - إذا أراد أن يفعل فعلاً ما قال: بسم الله الرحمن الرحيم. استشعر بقلبه أنه يستعين بكل أسماء الله تعالى فهذا يشعره بشيء آخر.
إذًا اسم مضاف ولفظ الجلالة مضاف إليه أي: مستعينًا بكل اسم هو لله جل وعلا، الإضافة أفادت العموم، والله هذا على الذات وهو مشتق على الصحيح بمعنى أنه دالٌ على ذات وصفة، خلافًا لمن قال بأنه جامد يعني: لا يدل على صفة بل يدل على الذات فقط، وهذا قول باطل فاسد، ولذلك جاء قوله تعالى: {وَهُوَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ} [الأنعام: 3]. {فِي السَّمَاوَاتِ} إيش إعرابه؟
..
نعم.
.
جار ومجرور، إيش فيه؟
جار ومجرور هذا نوعه، إعرابه متعلق بأي شيء؟
..
الله أي متعلق بـ الله، ومر معنا قبل قليل.
ولا بد للجر من التعلقِ ... بفعل أو معناه .........