إذًا: (وَكَونُهُ فِعْلاً فَلِلتَّقيدِ بالْوَقتِ) إذا أردت الدلالة على أن المسند إنما حكم به على المسند إليه في أحد الأزمنة الثلاثة فتأتي بالماضي للماضي والمستقبل للمستقبل والحال للحال، وإنما كان الفعل مقيِّدًا للتقيد بالزمان لأنه دالٌ بصيغته على أحد الأزمنة الثلاثة، نعم وهو كذلك، فالفعل الماضي يدل على الزمان بالصيغة أليس كذلك؟ فَعَلَ فَعُلَ فَعِلَ نقول: مجرد إتيان الفعل على هذا الوزن دل على أنه ماضي انطلق أَفْعَلَ تَفَعَّلَ اسْتَفْعَلَ، الأوزان التي مرت معنا في المقصود، نقول: هذه كلها تدل على أنه ماضي، كذلك يَفْعُلُ يَفْعَلُ يَفْعِلُ هذا يدل على المضارع، افْعَلْ هذا يدل على المستقبل، فإن الدلالة على أحدها على وجهٍ أخصر جيء به يعني: لماذا جيء به؟ من أجل أن يدل على الزمن بالصيغة مع الاختصار، لأنك لو قلت: زيدٌ قائمٌ أمسِ، أيهما أقرب قائمٌ أمسِ أو قام زيدٌ؟ قام زيدٌ. إذًا هو أخصر، ماذا صنعنا؟ حذفنا أمسِ اختصارًا وجئنا بقام بدلاً من قائم، حينئذٍ يكون دلالة قام على قائمٌ أمسِ من حيث الصيغة، فبدلاً من أن نطيل الكلام ونأتي بلفظٍ زائد عن الاسم لأن الاسم قد يدل على الزمان لكن بقيدٍ، وأما الفعل يدل على الزمان لكن بالصيغة فهو دلالةٌ وضعية، إذًا إنما كان الفعل مقيدًا للتقيد بالزمان لأنه دالٌ بصيغته على أحد الأزمنة الثلاثة، فإذا أراد الدلالة على أحدها أتى به على وجه الاختصار لدلالته عليه من غير احتياجٍ إلى قرينةٍ تدل على ذلك، بخلاف الاسم فإنه إنما يدل على ذلك بقرينةٍ خارجةٍ، كقولنا: زيدٌ قائمٌ أمس، وإذا أردت الآن زيدٌ قائمٌ الآن، وإذا أردت غدًا مستقبل زيدٌ قائمٌ غدًا فبدل من أن تأتي بهذه الألفاظ تأتي بالاختصار وتأتي به فعلاً.

هذه الفائدة الأولى (وَكَونُهُ فِعْلاً فَلِلتَّقيدِ بالْوَقتِ).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015