فكل ما قيل هناك يقال: هنا على ماذا؟ على ما أطلقه الناظم (وَالذِّكْرُ) لما مضى، ما هذه صيغة عموم، حينئذٍ كل ما مضى في المسند إليه من أغراض ذكر المسند إليه يُذكر من أغراض ذكر المسند، ككونه الأصل ولا مقتضي للعدول عنه أو الاحتياط لضعف التأويل على القرينة كقوله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}. لما ذكر هنا المسند مع كونه حذف في الآية التي ذكرناها سابقًا، ضعفًا على التأويل على القرينة يعني كأنه تلويحٌ بأنهم أغبياء، أو بأنهم لا يفهمون، أو التنبيه على غباوة السامع كقوله تعالى: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63] في جواب قوله: {أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} [الأنبياء: 62، 63] {فَعَلَهُ} أعاد الفعل مع أنه في جواب السؤال، فالأصل أنه يحذف، هذا فيه تأويل على ما مضى، أو التعظيم كقولك زيدٌ سلطان العلماء مثلاً، أو محمدٌ نبينا - صلى الله عليه وسلم - هذا لم يخالف في الإسلام مثلاً، أو الإهانة كزيدٌ بن الحجام ونحو ذلك مما سبق بيانه، كل ما يقال هناك يقال هنا، زاد هنا فائدة ليست هناك (أَوْ يُفيِدُنَا) أي الذكر (تَعْيِينَهْ) يعني ذكر المسند إليه يفيدنا دون حذفه تعين المسند، يعني: تعين نوعه ما هو؟ لأن المسند كما عرفنا يكون فعلاً ويكون اسمًا، فإذا حذفه قد لا ندري هل المحذوف هذا اسمٌ أم فعلٌ؟ لأنه يختلف المعنى كما سيأتي، إذًا أو للتنويع أو الذكر يعني: ذكر المسند إليه يفيدنا نحن يفيد هو نا، هو الضمير يعود إلى الذكر ونا مفعولٌ به (تَعْيِينَهْ) مفعولٌ به يفيدنا ماذا؟ تعيينه نعم أفاد يفيدنا نحن تعيينه يكون مفعول ثاني لإفادة، (أَوْ يُفيِدُنَا تَعْيِينَهْ) من كونه اسمًا لا فعلاً، حينئذٍ يفيد الثبوت، لأن الاسم يدل على الثبوت لكون الاسم يدل على الذات وهي لا تتغير، نبينا محمدٌ، محمدٌ نبينا نقول الخبر هنا في الموضعين: كان خبرًا دل على ذاتٍ، والذات في الأصل أنها لا تتغير، فدل على الثبوت هذا معنى الثبوت، الثبوت معناه عدم التغير، فإذا كان الاسم هو المسند حينئذٍ نفهم بأن مدلول المسند ثابتًا وليس بمتغير، أو كونه فعلاً لا اسمًا ليدل على التجدد؛ لأن الفعل يدل على أحوال الذات المتعلقة بالأزمنة، الفعل له دلالة يدل على أحوال الذات المتعلقة بالأزمنة، قام زيدٌ، زيدٌ هنا ذات دل الفعل على أنها موصوفةٌ بصفةٍ حدث وهو القيام في الزمن الماضي، إذًا دل على ذاتٍ وهي مرتبطة بزمانٍ معين عرفنا هذا الارتباط من الفعل، وكونه في الزمن الماضي كذلك عرفناه من صيغة قام، إذًا الفعل يدل على أحوال الذات المتعلقة بالأزمنة، فحينئذٍ يتغير بتغيرها، قام زيدٌ، يقوم زيدٌ، قم يا زيدٌ. تغيرت الأزمنة بتغير الفعل والذات هي الذات، فلو حذف المسند في هاتين الصورتين الاسم والفعل لم يدر أهو اسمٌ أم فعل؟ فتفوت الدلالة على المعنى المراد من حدوثٍ في الفعل أو ثبوتٍ في الاسم.
إذًا:
. . . . . . . . . . . . . ... . . . . . . . . أَوْ يُفيِدُنَا تَعْيِينَهْ