(وَالإِبْدَالُ يَزِيدُ تَقْريرًا لِمَا يُقَالُ) هذا الثالث من التوابع، (وَالإِبْدَالُ) منه أي: من المسند إليه (يَزِيدُ) المسند إليه (تَقْريرًا) أي: تقرير الأمر في نفس السامع ففيه نوع تقوية وتوكيد لماذا؟ لأنه في نية تكرار العامل مثل السابق: قدم صديقك خالد. يحتمل أنه بدل كأنك قلت: قدم صديقك قدم خالد. لأن العامل في الثاني هو عين العامل في الأول لكن على التكرار، يعني: أو بتعبير آخر أدق نقول: العامل في الثاني مغاير للعامل الأول من حيث العمل، لكنه من حيث الوصف فهو هُو، قدم صديقك قدم خالد، إذًا العامل في صديق هو عينه العامل في خالد لكن باعتبار التعدد لا باعتبار الاتحاد، يعني: ليس هو كالصفة مع الموصوف.
يزيد تقريرًا (لِمَا يُقَالُ) أي: بالمعنى المقصود (لِمَا يُقَالُ) تتمة يعني للذي (يُقَالُ) المراد به المعنى المقصود، فالإبدال من المسند إليه لزيادة التقريب وفائدته المبالغة وسبب التقرير هنا تأكيد المعنى تكرار العامل، فقوله: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ} [الفاتحة: 6، 7]. أبدل ليكون شهادة بالصراط بالاستقامة على أبلغ وجه {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} صراط من؟ ما صفة أهله؟ قال: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ}. إذًا فيه زيادة تقرير لأنه إذا طرق السمع أولاً مبهمًا ثم عُقِّبَ بالتفسير تمكن عنده، وكذا بدل البعض كالسابق بدل الكل من الكل نحو: جاء القوم أكثرهم. جاء القوم جاء أكثرهم والاستمال نحو سُلِبَ عمرو ثوبه، سُلِبَ عمرو سُلِبَ ثوبه، فيه تكرار، وأما بدل والغلط فلا يرد هنا لأنه ليس بفصيح خارج عن الفصاحة، والمراد بالزيادة التقرير أي التثبيت بالحكم والمسند إليه في ذهن السامع لاشتماله على تكرير الحكم والمسند إليه.
ثم قال:
الْعَطْفُ تَفْصِيلٌ مَعَ اقْتِرَابِ ... أَوْ رَدِّ سَامِعٍ إِلَى الصَّوَابِ