والتوضيح عند النحاة عبارة عن رفع الاحتمال الحاصل في المعارف نحو: زيد التاجر عندنا. فإن وصفه بالتاجر يرفع احتمال غيره، فالتخصيص عند البيانيين أعم فيشمل تقليل الاشتراك وهذا في وصف النكرة، ورفع الاحتمال وهذا في وصف المعرفة.
(وَالتَّعْيِينِ) هكذا (وَالمَدْحِ وَالتَّخْصِيصِ وَالتَّعْيِينِ) ويعبر عنه بالتنصيص أي: البسط والبيان لكون دلالة المنطوق أقوى نحو: جاءني رجل واحد. جاءني رجل قال: واحد. ما الفائدة هنا؟ تنصيص تعيين، لأن ما دلّ عليه بالمنطوق ليس في قوة ما دُلّ عليه بالمفهوم، فإن رجل دلّ على الواحد بالمفهوم، وواحد دلّ على الواحد بالمنطوق، هكذا قيل.
قيل: وهو شرط في إفادة الوصف المدح أو الذم أو الترحم وإذا لم يكن متعيِّنًا قبل ذكر الوصف كان الوصف مخصِّصًا حينئذٍ يكون ماذا؟ اشترط ذلك لئلا يكون الوصف مخصِّصًا، على كل التعيين قل من ذكره. يعني: لم يذكره إلا صاحب ((التلخيص)).
المبحث السادس: في تأكيده أو الذي يليه بعد الوصف
وَكَوْنُهُ مُؤَكَّدًا فَيَحْصُلُ ... لِدَفْعِ وَهْمِ كَوْنِهِ لاَ يَشْمُلُ
وَالسَّهْوِ وَالتَّجَوُّزِ المُبَاحِ ... .............................
يُؤَكَّدُ المسند إليه بأحد المؤكِّدات المذكورة في النحو فيحصل تأكيده لأمور:
أولاً: (لِدَفْعِ وَهْمِ كَوْنِهِ لاَ يَشْمُلُ) يعني: دفع توهم عدم الشمول. جاء القوم، القوم هذا مُسنْد إليه، ما هو يحتمل أنه مجاز أطلق الكل وأريد به البعض يحتمل هذا؟ لكن إذا أكدته جاء القوم كلهم، إذًا ما فائدة التوكيد هنا؟ دفع توهم عدم إرادة الشمول بالمسند إليه وهو القوم. أي: دفع توهم كون المسند إليه لا يشمل للأجزاء أو للجزئيات نحو: استوى الرغيف كله. استوى الرغيف، يحتمل استوى بعضه دون كله، وإذا قلت: كله. حينئذٍ رفعت توهم عدم إرادة الشمول للأجزاء، لا للجزئية، وجاء القوم كلهم لئلا يُتوهم أنه استوى البعض في المثال الأول وأن البعض لم يجئ لكنك لعدم اعتدادك بالباقي منهما جعلت الفعل المسند إلى الكل بناءً على أنهم في حكم شيء واحد.
إذًا لعدم توهم عدم إرادة الشمول أُكَّد المسند إليه - وهذا مر معنا في المؤكدات بكل وكذلك، والمجاز بنحو نفسه وعينه -.
واستهوي أي: لدفع وهم استهوي والنسيان في النسبة كقولك: جاء زيد. زيد هذا مسند إليه يحتمل أنك أخطأت، أردت أن تقول: جاء عمرو. فقلت: جاء زيد. لكن لما قلت: زيد زَيد. علمنا أنك متيقظ فالثاني يكون مؤكدًا للأول لدفع توهم السهو أو النسيان، لأن إعادة لفظ المسند إليه تنفي السهو والنسيان فيه، ثم السهو والنسيان وإن اشتركا في أن الحكم مع كل منهما يكون صادرًا على سبيل الغلط لكنهما افتراقا بأن الأول الذي هو السهو ينبه صاحبه بأدنى تنبيه بخلاف الثاني.
(وَالتَّجَوُّزِ) يعني لدفع توهم المجاز وهذا في النفس والعين جاء زيد يحتمل أنه رسوله أو غلامه أو كتابه، قلت: نفسه، عينه. حينئذٍ رفعت توهم المجاز، أي دفع توهم المجاز أي: التجوز في النسبة نحو: جاء زيد نفسه. فإنه ينفي أن يكون جاء غلامه، وإنما نسب المجيء إليه تجوزًا، وقلنا: هذا فيه بحث فصلناه في شرح المطول على (الآجرومية)) يُرجع إليه، والكلام غير مسلم مطلقًا.