الاستثناء في الإيمان، وهو قول الرجل: هو مؤمن إن شاء الله، وهذه المسألة ليست من مسائل الأصول عند السلف، ولكن بعض أهل البدع تكلم فيها على مبنى أقوالهم البدعية، فهنا يقال: إن قولهم بدعة.
إذاً ..
هل السنة الاستثناء في الإيمان، أم عدم الاستثناء؟
قيل: هذا بحسب المراد والمقام، فمن قصد أنه مؤمن -أي: محقق للإيمان- فلا بد أن يقول: إن شاء الله؛ لأن تحقيق الإيمان لا يجوز لأحد الجزم به، ولا يجوز لأحد أن يزكي نفسه أنه حقق الإيمان تحقيقاً كاملاً.
وكذلك إذا أريد الخاتمة، فإنه يُستثنى في الإيمان؛ لأن الإنسان لا يدري بماذا يختم له.
فإذا أريدت هذه المرادات فيكون السنة ذكر الاستثناء، وأما إذا أريد أصل الإيمان فإن ذكر الاستثناء لا يلزم؛ ولهذا إذا قال شخص عن فلان: هذا الرجل مؤمن.
لا يلزمك أن تقول: قل: إن شاء الله؛ لأنك إنما تتكلم عن أصل الإيمان، وأصل الإيمان يجزم به.
والصواب أنه يجوز تقييده بالمشيئة، ومشيئة الله تعالى لا تعني التردد، قال الله تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} [الفتح:27] مع أن دخولهم كان متحققاً.
إذاً: تعليق الأمر بمشيئة الله لا يلزم منه التردد، ومسألة الاستثناء في الإيمان تكون بحسب المقام والمراد، فتجوز في مقام، وتجب في مقام، وتمنع في مقام، فهي مسألة واسعة على هذه المرادات، ومن هنا تنوع جواب السلف فيها رحمهم الله.