قال الموفق رحمه الله: [قال الله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:286]، وقال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16]، وقال تعالى: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ} [غافر:17]؛ فدل على أن للعبد فعلاً وكسباً].
للعبد فعل وكسب، قال الله تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة:286]، والتعبير بلفظ الكسب لا بأس به، لكنه ينهى عنه إن اقتصر على أفعال العباد فقط؛ لأن هذا يكون فيه مشاركة لمذهب الأشاعرة الذين يقولون: أفعال العباد كسب لهم، ثم يفسرون الكسب تفسيراً جبرياً في الغالب، وأما مجرد التسمية لأفعال العباد بأنها كسب لهم ضمن مجموعة أسماء فهذا لا ينكر، ومن غلَّط الموفق رحمه الله وقال: "إن من أغلاطه أنه قال: إن للعبد فعلاً وكسباً وهذا من كلام الأشاعرة، نقول له: هذا غير صحيح؛ ففي كتاب الله: (لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ)، إنما الغلط أن يقتصر على لفظ الكسب في تسمية أفعال العباد، والموفق رحمه الله إنما أراد بها مرادها الشرعي، أي: من اكتسابه وتحصيله وليس من إجبار الله للعباد أو من إكراهه لهم.
هذا استعمال لا بأس به؛ لأنه مخالف للأشاعرة حيث يقولون: إن العبد ليس له فعل على الحقيقة وإنما له كسب، فلما جمع المصنف الاسمين دل على أنه ينفي استعمال الأشاعرة.
قال الموفق رحمه الله: [يجزى على حسنه بالثواب، وعلى سيئه بالعقاب، وهو واقع بقضاء الله وقدره].
قوله: (وهو واقع) أي: أفعاله وكسبه واقعة بقضاء الله سبحانه وتعالى وقدره.