بعض الأدلة النقلية على إثبات صفة الكلام

قال الموفق رحمه الله: [قال الله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} [النساء:164]، وقال سبحانه: {يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي} [الأعراف:144]، وقال سبحانه: {مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} [البقرة:253]، وقال سبحانه: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى:51]، وقال سبحانه: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} [طه:11 - 12]، وقال سبحانه: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي} [طه:14]، وغير جائز أن يقول هذا أحدٌ غير الله].

أي: وهذا الكلام يمتنع أن يكون المتكلم به غيره سبحانه وتعالى؛ لأن الله نسبه لنفسه مباشرة، فقال: (أَنَا رَبُّكَ)، (أَنَا الله)، (إِلَّا أَنَا).

قال الموفق رحمه الله: [وقال عبد الله بن مسعود: (إذا تكلم الله بالوحي، سمع صوته أهل السماء) روى ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عبد الله بن أنيس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يحشر الله الخلائق يوم القيامة عراةً حفاةً غرلاً بهماً، فيناديهم بصوت يسمعه مَنْ بَعُدَ كما يسمه مَنْ قَرُبَ: أنا الملك، أنا الديان) رواه الأئمة واستشهد به البخاري.

وفي بعض الآثار: أن موسى عليه السلام ليلة رأى النار، فهالته ففزع منها، فناداه ربه: يا موسى! فأجاب سريعاً استئناساً بالصوت، فقال: لبيك، لبيك، أسمع صوتك ولا أرى مكانك، فأين أنت؟ قال: (أنا فوقك، وأمامك، وعن يمينك، وعن شمالك)، فعلم أن هذه الصفة لا تنبغي إلا لله تعالى، قال: كذلك أنت يا إلهي، أفكلامَك أسمع، أم كلامَ رسولك؟ قال: (بل كلامي يا موسى)]:

هذا الأثر ليس صحيحاً من جهة السند، ولا يحتاج إلى ذكره؛ لأن هذا بيِّن في القرآن في قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي} [الأعراف:143].

فكونه حصل السؤال والجواب، وأدرك موسى هذا الجواب دليل على أنه سمع كلام الرب سبحانه وتعالى، ولا يلزم منها التصحيح لمثل هذا الأثر، الذي لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وكذلك هو بيّن في قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} [النساء:164]، وقوله: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ} [طه:14].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015