أدلة إثبات العلو في الكتب المتقدمة

قال الموفق رحمه الله تعالى: [وفيما نقل من علامات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الكتب المتقدمة: إنهم يسجدون بالأرض، ويزعمون أن إلههم في السماء].

هذه إشارة من المصنف إلى أن توحيد الأسماء والصفات متواتر في سائر الكتب السماوية، لأن أصول الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام واحدة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيح- عن أبي هريرة: (نحن معاشر الأنبياء أبناء علات) والمقصود بأبناء العلات هم الإخوة من أمهات شتى وأب واحد، فأراد باتفاق أبيهم الاتفاق في أصل الدين، وأراد باختلاف أمهاتهم اختلاف شرائعهم.

ولهذا فإن عقيدة الأنبياء واحدة وتوحيدهم واحد، ولا يمنع هذا أن يكون ما بعث به محمد صلى الله عليه وسلم فيه تفصيل لهذه العقيدة بما لم يقع مثله من التفصيل في غيره من الكتب.

فلا شك أن الدلائل والتفاصيل المذكورة في القرآن، أكثر من التفاصيل المذكورة في الكتب السماوية الأخرى، وإن كانت كلام الله سبحانه وتعالى.

قال الموفق رحمه الله: [وروى أبو داود في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن ما بين سماء إلى سماء مسيرة كذا وكذا)، وذكر الخبر إلى قوله: (وفوق ذلك العرش، والله سبحانه فوق ذلك) فهذا وما أشبهه مما أجمع السلف رحمهم الله على نقله وقبوله، ولم يتعرضوا لرده ولا تأويله ولا تشبيهه ولا تمثيله].

هذا كله داخل في مراد المصنف، إثبات صفة العلو لله عز وجل.

وهنا ينبه إلى مسألة الآثار النبوية؛ كهذا الحديث الذي ذكره المصنف، وكحديث الأوعال في ذكر حملة العرش، وأمثال هذه الأحاديث، ينبه إلى أن الواجب في الاعتقاد: هو ما انضبط عند السلف من الأحاديث، وذكروه من مسائل أصول الدين.

وأما تتبع الروايات في كتب الحديث على طريقة من الإفراد، كما تتتبع المسائل الفقهية، فهذا ليس مما ينبغي القصد إليه، لأن هذا مقام إخبار عن الرب سبحانه وتعالى، فلا ينبغي فيه أن يستطال في تتبع أحاديث فردة، قد تثبت وقد لا تثبت.

ولهذا فإن إشارة المصنف في قوله: [مما أجمع السلف رحمهم الله على نقله وقبوله] إلى أنه ينبغي تتبع المجمع عليه كحديث النزول وأمثاله من الأحاديث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015