حكم الانتساب للمذاهب الأربعة

بعض طلبة العلم من السلفيين توسعوا في تقرير مذهب السلف حتى قال بعضهم: إن الانتساب إلى المذاهب الأربعة يعد بدعة مخالفة لمذهب السلف، وهذا لا شك أن فيه تكلفاً؛ لأن هذه المذاهب نشأت من قرون متقدمة؛ ونستطيع أن نقول: إنه إلى عصرنا هذا، وقد مضى عشرة قرون في الأمة، وسائر العلماء من المحققين المعروفين من أهل السنة والجماعة، يقرون الانتساب إلى هذه المذاهب.

وأما التعصب للأئمة كـ أحمد أو الشافعي أو مالك أو أبي حنيفة، أو الادعاء بأن مذهبه هو الراجح على مذهب غيره، أو أن الواحد يترك الدليل لقول عالم من العلماء، سواء كان من الأئمة الأربعة أو غيرهم، فلا شك أن هذه الأوجه وأمثالها منكرة، لكن فرق بين هذا المقام وبين مقام الانتساب، فالانتساب مقام تراتيب علمية لا إشكال فيه، وما زال الأئمة حتى المعروفين بالتحقيق في السنة كـ ابن تيمية وغيره يقرون هذا الانتساب، ولم يظهر إنكاره إلا بعد القرن العاشر، ففيه بدء التصريح بإنكار هذا التمذهب، ولربما مال المنكرون إلى نفس القضية، أي: رجعوا إلى قدر من التمذهب بوجه آخر، فتركوا الانتساب لـ أحمد وانتسبوا للشوكاني، أو تركوا الانتساب لـ أحمد وانتسبوا لـ ابن حزم، أو ما إلى ذلك.

فمسألة الانتساب للشيوخ الأعيان درج عليها المتقدمون، حتى الأئمة الأربعة قيل: إنهم كانوا ينتسبون لبعض شيوخهم ويقتدون ببعض أقوالهم، كما أن الكوفيين امتداد لفقه عبد الله بن مسعود وأصحابه.

فهي مسألة تراتيب علمية، لا يعاب الناس بها، ولا يقال: من انتسب إلى مذهب من المذاهب الأربعة ففي سلفيته نقص، أو أنه ليس سلفياً، أو من شرط السلفي: ألا ينتسب إلى مذهب من المذاهب الأربعة ..

هذا تكلف، وإن اجتهد به بعض أهل العلم: كالشيخ الإمام العالم الألباني رحمه الله ..

فهذا اجتهاد للشيخ، يقدر عليه لكنه ليس بلازم، بل السلفية هي أن تقتدي بإجماعات السلف، وأما إذا انتسب منتسب لفقيه من الفقهاء الأربعة فهذا الانتساب لا بأس به بشروط أهمها: أن لا يتعصب له، وأن لا يترك الحق لقوله، وغيرها من الأمور المعلومة ضرورةً في دين الإسلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015