مسالك أهل البدع تجاه صفات الله تعالى

مذهب السلف في مقام الصفات هو الإيمان بالأسماء والصفات من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل.

وهناك ثلاثة مسالك بدعية:

المسلك الأول: مسلك المعطلة والمؤولة؛ الذين عطلوا صفات الله وتأولوها على معانٍ سموها مجازاً، كقولهم: {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر:22] أي: جاء أمره، وقولهم: إن (استوى) بمعنى: (استولى) وهذا مذهب المعتزلة ومن وافقهم من متكلمة الصفاتية كالأشاعرة وغيرهم.

المسلك الثاني: مذهب التشبيه، وهم من شبه الله بخلقه، شبه الخلق بصفات الخالق، والمشبهة أصلهم من أئمة الشيعة، ثم دخل على بعض الأحناف أتباع محمد بن كرام.

وهذان المذهبان -أعني: مذهب التشبيه ومذهب التعطيل والتأويل- لم يشتبه على أحد من أصحاب السنة والجماعة من الفقهاء المبتعدين عن علم الكلام أنهما مذهبان مخالفان لمذهب السلف.

المسلك الثالث: مذهب المفوضة، والتفويض هو الذي اشتبه على بعض الفقهاء التاركين لعلم الكلام فقالوا: إنه قول طائفة من السلف، فظنوا أن السلف مفوضة؛ أي: أنهم يقولون: إن هذه الألفاظ يُعمل بها، وأما معناها فيسكت عنه، وهذا التفويض لا شك أنه بدعة، وهو ممتنع عقلاً، وفي تقرير هذه المسائل يجب أن يظهر التوافق بين العقل والنقل، وأنه لا تعارض بينهما.

وإنما كان التفويض ممتنعاً عقلاً؛ لأن الله سبحانه وتعالى إنما أراد بهذه الأخبار التعريف به، فإذا كان معناها غير مُدرك فإن المعرفة به سبحانه لن تكون ممكنة، ولأن الله سبحانه وتعالى أراد بذكر الخبر معنىً معيناً، كقوله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران:181] فهذا خبر متضمن لإثبات صفة السمع صراحة، وإذا لم يكن هناك فقه وفهم للصفة، فإن العلم بهذا الخبر يكون علماً ممتنعاً؛ فالتفويض لهذا قول متعدٍ، ولكن مع كونه بدعة أو متعذراً في الشرع والعقل، فإن طائفة من الفقهاء المبتعدين عن علم الكلام امتدحوه، وظنوا أنه طريق للسلف أو لطائفة منهم، ولذلك يمكننا أن نقول: التأويل طريق المتكلمين ومن وافقهم أو تأثر بهم، والتفويض طريق جماعة من الفقهاء والصوفية المعظمين للسنة والأئمة، ولكنهم لم يحققوا مذهبهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015