قال الموفق رحمه الله: [ومعاوية خال المؤمنين، وكاتب وحي الله، أحد خلفاء المسلمين رضي الله عنهم].
الطعن في معاوية من طرق أهل البدعة المخالفين للسنن والآثار، ومن يطعن فيه من الشيعة فإنهم يخالفون أصول أئمتهم الذين هم أئمة الهدى إذا صح أن لهم أئمة على هذا الاختصاص، وإلا فالحق أن علي بن أبي طالب -وإن كان إماماً- والحسن والحسين لم يختصوا بطائفة، ولم يجعلوا أنفسهم أئمة مختصين بطائفة معينة، بل كانوا أئمةً لسائر المسلمين من أهل البيت وغيرهم.
فهذا الحسن بن علي -وهو من أئمة آل البيت- لما صار إليه الأمر تنازل به لـ معاوية، فلو كان معاوية في نظر الحسن بن علي وأئمة آل البيت رجلاً فاسقاً أو منافقاً -فضلاً عن كونه كافراً- لما أمكن الحسن بن علي أن يتنازل بملك المسلمين ورقابهم وسلطانهم وطاعتهم وولايتهم لرجل فاسق.
وأما ما يعتذر به بعض الشيعة من أن هذا من التقية عند الحسن فهذه سفسطة لا صحة لها.
وأما إذا قيل: إنه كان عاجزاً فهذا يرده الواقع التاريخي، فقد جاء في صحيح البخاري وغيره من حديث عبد الرحمن بن حسنة: "أن الحسن بن علي استقبل معاوية بكتائب أمثال الجبال، فلما بلغ معاوية وقد حرضه بعض أهل الشام على المواجهة قال: إذا قتل هؤلاء هؤلاء من لي بضعفة المسلمين! من لي بنسائهم! من لي بذراريهم
إلخ".
فكان معاوية رفيقاً والحسن أيضاً كان رفيقاً حتى حصل الصلح بينهما.
إذاً: تنازل الحسن بن علي دليل على أنه يرى أن معاوية رجل صالح فاضل، بريء من الفسق فضلاً عن الكفر والنفاق.