قال الموفق رحمه الله: [ومن السنة تولي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحبتهم، وذكر محاسنهم، والترحم عليهم، والاستغفار لهم، والكف عن ذكر مساويهم وما شجر بينهم، واعتقاد فضلهم، ومعرفة سابقتهم].
هذا كله مستقر أن من السنة التولي لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمصنف عبر بقوله: (والترحم عليهم) ولو عبر بالترضي لكان أجود، فإن الله يقول: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح:18]، ويقول: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ} [التوبة:100] فالذي درج عليه أهل العلم وأهل السنة هو الترضي عن الصحابة، وأما من بعد الصحابة فإنه يترحم عليه، وهذا كله دعاء، وليس خبراً، ومع ذلك قدر يقع قدر من التوسع في ذلك، فأحياناً يُترضى عمن من بعد الصحابة فهذا لا بأس به، بل حتى ما هو فوق ذلك وهي الصلاة والسلام، فإنها خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ما قصد الاطراد، وإلا إذا قيل: هل يجوز أن يصلى على غير النبي صلى الله عليه وسلم فيقال مثلاً: أبو بكر عليه الصلاة والسلام؟
ذهب: الجمهور من أهل السنة وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله والصحيح في مذهب أحمد أن هذا جائز، وإذا قيل: إنه جائز.
ليس معناه أنه مشروع، إنما المراد أنه مأذون فيه ولا ينكر، وبشرط ألا يختص بمعين غير النبي صلى الله عليه وسلم، وألا يكون مطرداً.
أي: دائماً لا يذكر أحد من الصحابة إلا ويقول: عليه الصلاة والسلام! هذا لا شك أنه بدعة، أو خصص صحابياً من الصحابة بعينه كـ علي أو غيره من آل البيت بذلك فلا شك أن هذا بدعة، وأما إذا عرض أحياناً فإنه سائغ، وقد قال ابن عباس لـ عمر: [عليك الصلاة والسلام]؛ فأقره.