قال الموفق رحمه الله: [ولا يدخل الجنة أمة إلا بعد دخول أمته].
النبي صلى الله عليه وسلم هو أول من يدخل الجنة كما في الصحيحين عن أنس: (آتي يوم القيامة باب الجنة فيستفتح، فيقول خازنها: من أنت؟ فيقول: محمد، فيقول: بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك) وكذلك أمته هي أول الأمم دخولاً الجنة.
وقوله: (لا يدخل الجنة أمة إلا بعد دخول أمته) هذا فيه قدر من الإجمال، ولا يلزم من هذا أن سائر طبقات هذه الأمة يدخلون قبل دخول بقية الأمم، فإن الأمم الأخرى فيهم الأنبياء، ولا شك أن الأنبياء مقامهم أشرف حتى من مقام الصحابة، وكذلك فيهم قوم صالحون وصديقون أفضل من كثير من أتباع النبي صلى الله عليه وسلم، فإن في أتباع محمد السابق بالخيرات ..
والمقتصد ..
والظالم لنفسه ..
وصاحب الكبائر ..
إلى آخره.
إذاً ..
أمة النبي صلى الله عليه وسلم أول من يدخلون الجنة من جهة ابتداء الأمم لا من جهة كل الأفراد والأعيان، فهذا أمر ممتنع، ومثل هذه اللزومات في كلام بعض أهل العلم فيها تكلف، ككلام ابن حزم رحمه الله لما قال: إن نساء الرسول عليه الصلاة والسلام أفضل من العشرة المبشرين بالجنة؛ لأنهن نساؤه في الدنيا والآخرة، وإذا كن نساؤه في الجنة سيكن معه في درجته، ودرجته لا يبلغها العشرة المبشرون بالجنة! وهنا قيمة تكلف وظاهرية محضة من ابن حزم؛ لأنه لو لزم هذا المعنى للزم أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من الأنبياء والمرسلين، فمثل هذه الأمور قياسات لا وجه لها.