الصراط وأحوال الناس فيه

قال الموفق رحمه الله: [والصراط حق يجوزه الأبرار، ويزل عنه الفجار].

ومما يجب الإيمان به الصراط، وهو يُنصب على متن جهنم، ويمر عليه الناس، كما قال تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} [مريم:71] أي: يرمون على الصراط، وهذا هو التفسير الصحيح للآية.

وأما من قال: إن الورود هو لفحة من لفحات النار فهذا ليس صحيحاً، فإن المؤمنين الأبرار المتقين من الأنبياء والمرسلين والصديقين والشهداء والصالحين لا يمسهم شيء من أثر النار وإن كانوا يمرون على الصراط.

وقد جاء في حديث متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن العباد يمرون على الصراط، فيمر أولهم على صورة القمر، ثم ذكر أحوالهم في المرور، ومقدار مرورهم، كمرور الريح، وكأجاود الخيل والركاب ..

وما إلى ذلك، ومنهم من يخطف وهو على الصراط فيقع في نار جهنم ..

ومنهم من يتعثر فيلحقه مقام من مقامات الشفاعة، وذكر عليه الصلاة والسلام أن الأمانة والرحم تقومان على جنبتي الصراط، وأن الأنبياء والمرسلين يقولون: اللهم سلِّم سلِّم.

فهذه بعض مواقف الصراط يجب الإيمان بها على ظاهرها، كما يجب الوقوف على نصها الصريح فقط، وأما المعنى الذي لم يتضمنه النص الصريح مما يفرض العقل الاستفصال عنه فإن الواجب السكوت عنه.

وأيضاً: ثبت الصراط على وجه التحديد، وكذلك بعض مسائله، وقد روي فيه روايات منكرة في بعض كتب الرواية -ولا سيما في كتب الوعظ وذكر الجنة والنار والمآلات وما إلى ذلك- ذُكر في الصراط روايات منكرة في صفته وهيأته وما إلى ذلك، فهذا يعتبر فيه الثابت ثبوتاً بيناً، وأما ما تردد في ثبوته فإنه يسكت عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015