ثم إن هذا العمل إن كان حسناً صالحاً جاءه في صورة شاب حسن الوجه يؤنسه في قبره، ويدافع عنه، وثبت أن الأعمال الصالحة تدافع عن أصحابها، والقرآن يأتي شفيعاً لأهله يوم القيامة، والزكاة تدافع عن مؤديها، والصلاة وهكذا، تأتي هذه الأعمال الصالحة على صورة شاب حسن الوجه، وتأتي الأعمال السيئة -نسأل الله العافية- على أقبح صورة موحشة "عمل يقارنه هناك" فإما أن يكون مؤنساً له، أو موحشاً، "ويسأل" عن عمله يمتحن يبتلى في قبره، فإذا انصرف أهله عنه، وإنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان فيقعدانه يجلسانه فيسألانه من ربك؟ وما دينك؟ وما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ أما المؤمن يجيب بالجواب المعروف، فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد -عليه الصلاة والسلام-، هذا الرجل آمنا به وصدقنا، وأما من سواه الكافر أو المرتاب فيقول: هاه؟ هاه؟ لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته، ثم يضرب بمرزبة من حديد يسمعها كل من يليه إلا الثقلين، وهذا يدل على أن الثقلين لا يسمعون عذاب المعذبين، ولو سمعوا لصعقوا، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((لولا أن تدافنوا)) وفي بعض الألفاظ: ((لولا أن لا تدافنوا لأسمعتكم)) يعني لولا أن تدافنوا يعني يدفن بعضكم بعضاً لكثرة من يموت، ولولا أن لا تدافنوا: بحيث يوجد من لا يمكن دفنه لكثرة من يموت، والوجهان يمكن حملهما على معنى صحيح.