وذكر الحافظ البيهقي -رحمه الله تعالى- أن يهوديًّا دعاه يحيى بن أكثم إلى الإسلام فلم يسلم، وبعد سنة كاملة أتى إلى يحيى بن أكثم فأعلن إسلامه، فسأله عن السبب، فقال: إنه نسخ نسخًا من التوراة، وزاد فيها ونقص وحرف وقدم وأخر، ثم ذهب بها إلى سوق الوراقين من اليهود فتخطفوها من يده، وباشروا قراءتها، والعمل بها، وهي محرفة، ثم عمد إلى الإنجيل فصنع فيه مثل ذلك، وذهب به إلى سوق النصارى فاشتروها منه، ولم يترددوا في ذلك، وباشروا قراءتها، والعمل بها، ثم عمد إلى القرآن، فقدم وأخر بشيء يسير لا يكاد يطلع عليه إلا الفرد من الناس، ثم ذهب به إلى سوق الوراقين بين المسلمين، وعرض النسخ عليهم، فكل من رأى نسخة رماها في وجهه، وقال: إنه محرف، فعلمت أن الدين حق، وأن هذا الكتاب محفوظ فأسلمت، فتعجب يحيى بن أكثم، فلما حج اجتمع بسفيان بن عيينة وذكر له القصة، يقول هذا الكلام موجود في كتابه، قال في كتب من قبلهم {بِمَا اسْتُحْفِظُواْ} [(44) سورة المائدة] يعني وكل الحفظ إليهم فلم يحفظوا، وكتابنا تولى الله حفظه فتم ذلك، ولا يستطيع أحد أن يزيد أو ينقص ويكتشف فوراً، يكتشف، يعني في مراجعات طباعة المصحف، يعني وهذا من حفظ الله -جل وعلا- لدينه، وحفظه لكتابه، قالوا: في المراجعة رقم مائة وأربعين وجدوا أن شكلاً من الأشكال، شكل يعني شكل الضمتين أحياناً أو الفتحتين يختلف وضعها من حرف إلى آخر، فوجد شكل مخالف لنظائره في المراجعة مائة وأربعين، وهذا من تمام حفظ الله -جل وعلا- لكتابه، والعين تنفر من رؤية المخالف، وعلى كل حال هذا أمر معروف ومقرر، والقرآن مصون من الزيادة والنقصان بإجماع الأمة، بإجماع علماء المسلمين.

بعضهم يقول: إن من حفظ القرآن حفظ السنة، ولذا أنكر أن يكون في السنة شيء موضوع مكذوب على النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أن هذا يرده الواقع؛ فالمبتدعة والزنادقة الذين يريدون إفساد الدين والمتعصبة للمذاهب، والمتكسبة والمرتزقة وجهال بعض العباد والمتصوفة وقع منهم الوضع في الحديث النبوي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015