فانتدبوا إلى ذمهم وسبهم وتكفيرهم، والذي يغلب على الظن أن المراد بذلك كله -وإن أظهروا ما أظهروا- القدح في الدين نفسه، ولذا الإمام مالك -رحمه الله تعالى- في آخر آية من سورة الفتح: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} إلى أن قال: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [(29) سورة الفتح] فالذي يغيظه صحابة محمد -صلى الله عليه وسلم- ماذا يكون؟ استدلالاً بهذه الآية، فذهب الإمام مالك إلى تكفير من يغيظه الصحابة.
وشيخ الإسلام استدل بقوله -جل وعلا-: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ ... } [(10) سورة الحشر] بعد أن ذكر المهاجرين والأنصار قال: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} أن هذا الذي لا يترضى عن المهاجرين والأنصار أنه ليس له نصيب في الخُمس؛ ليس له نصيب في الخُمس، فالأمر خطير، فعلى الإنسان أن يتولى الصحابة، وأن يترضى عنهم، ويعرف لهم منازلهم وأقدارهم ومراتبهم، فأفضلهم على الإطلاق أبو بكر، وهو خير هذه الأمة بعد نبيها -عليه الصلاة والسلام-، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي -رضي الله تعالى عن الجميع-، ثم بقية العشرة:
سعيد وسعد وابن عوف وطلحة ... وعامر فهر والزبير الممدحُ
هؤلاء العشرة هم أفضل الصحابة، ثم بعد ذلك أهل بدر، وأهل الحديبية، والمهاجرون الأولون السابقون لهم فضل وسابقة، ثم بقية الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين-.
ومن الصحابة العشرة الذين ذكرناهم، ومنهم أزواجه -عليه الصلاة والسلام-، يدخلون في صحابته كما أنهم يدخلون في أهله وآله -عليه الصلاة والسلام-.