واستنشده حتى بلغ قوله: وَلَما رَأَت رَكبَ النَميريِّ أَعرَضَت (?)، قال له: وما كان [40 أ] ركبك؟ قال: أربعة أحمرة، كنت أجلب عليها القطران، وثلاثة أحمرة لصحبي تحمل البعر، فضحك الحجاج، وخلّى سبيله.
قال الشارح: وذكرت بقول الطغرائي قول أبي العلاء المعري (?): (من البسيط)
المُوقِدُونَ بنجْدٍ نارَ باديَةٍ ... لا يَحضُرونَ وفَقْدُ العِزّ في الحَضَرِ
إذا هَمَى القَطْرُ شَبَتْها عَبيدُهمُ ... تحتَ الغَمائم للسّارين بالقُطُرِ
القطر هنا: العود، ومعناه أنّ هؤلاء الممدوحين يوقدون النار في الليل ليهتدي الضيف بها إليهم، فإذا كان الغمام، ونزل القطر، وأطفأ النار، أمروا عبيدهم أن يوقدوها بالطيب؛ ليشم الساري الرائحة؛ ليهتدي إليهم، وهذا معنىً غريب، وقول الطغرائي قول التهامي (?): (من الكامل)
يَترُكنَ حَيثُ حَلَلن وَهي لَطيمَة ... مِمّا نَثرنَ بِهِ العَبيرَ فَطاحا
يَهدي ثَراهُ إِلى البِلادِ وَرُبَّما ... حَيَّت بِرَيّاهُ الرِياح رِياحا
وقال الأرجاني (?): (من الخفيف)
بَلِّغاني منازلَ الحَيِّ أسألْ ... ها متى فارقَتْ دُماها الغِيدا
واستَدِلاّ على الحمى نَشْرَ مِسكٍ ... من مَجَرِّ الحسانِ فيه البرودا
والأصل في هذا كله قول أبي الطيب (?): (من الطويل)
ولو أنّ ركْباً يمّموكَ لقادَهم ... نسيمُك حتى يستدِلّ به الرّكْبُ
وقال الآخر: (من السريع)
إن جاء من يبغي لهم منزلاً ... فقل له يمشي ويستنشق (?)
وقال مسلم بن الوليد (?): (من الطويل)
أَرادوا لِيُخفوا قَبرَهُ عَن عَدُوِّهِ ... فَطيبُ تُرابِ القَبرِ دَلَّ عَلى القَبرِ