معنى لهذا الاعتقاد حينئذٍ؟ بل إن إعراضه عن عبادة الله يكذِّبُ دَعوَاه، ومن كانت هذه حاله لم يُحَقِّق قولَ: «لا إله إلا الله».
فالناس في هذا المقام على تفاوت عظيم، منهم من ينتهي به الإرجاءُ إلى الكفر، ومنهم من ينتهي به إلى الجرأة على المحرمات، وشتان بين من يأتِ المعصية وهو خائفٌ وَجِلٌ، ويَلومُ نفسَه ويعاتِبُها ويُفَكِّر بالتوبة والخَلاص، وبين من يأتِ المعصية بهذه الشبهة -شبهة الإرجاء-.
فشبهة الإرجاء هذه تحمل الإنسان على الإقدام على الشهوات المحرَّمة، فيجتمع له الشهوة والشبهة.
فالشيطانُ يأتي الإنسانَ قَبلَ فِعْلِ المعصية يُجَرِّؤه عليها؛ بتهوينها في نفسه، وتذكيره بمغفرة الله وسعة رحمته، وبأنه مسلمٌ وأنه يقول: «لا إله إلا الله»، ويُذَكِّرُه بأحاديث الوعد الواردة في هذا المعنى، ثم بعد الإقدام على المعصية يُقَنِّطُه من رحمة الله، حتى ييأس من رحمة الله فلا يَهمُّ ولا يُفكِّر بالتوبة، وهذا من مداخل الشيطان على الإنسان، فالمقامُ عظيمٌ وخطيرٌ.
وهذا الانقسام موجودٌ من الصدر الأول وسارٍ في الأُمَّة من وقت ظهور الخوارج وعلى إثْرِهم المرجئة إلى يومنا هذا، والمذهبان موجودان، لكن مذهب الإرجاء الآن له دعاة، وله اتباع كثيرون، ويهونون الذنوب على الناس، فالواجب على المسلمين أن يحذروا من السبيلين:
- سبيل أهل التكفير؛ المكفِّرِين بالذنوب.
- وسبيل المرجئة، المستخِفِّين بالذنوب، والمهَوِّنين لخطرها.
فعلى المسلمين أن يسلكوا الصراط المستقيم بين هذين الفريقين، والله يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ.