مقدِّمة الشَّارِح

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمَّد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فإنَّ هذه الرسالة المباركة الموسومة بـ «كلمة الإخلاص وتحقيق معناها»، للإمام العَلَم العلامة: أبي الفرج عبدِ الرَّحمن ابنِ رجبٍ الدِّمشقيِّ الحنبليِّ (ت:795 هـ)، الإمامِ الشهير، من كبار أئمة الحنابلة في زمانه، وله مؤلفات متنوعة في الفقه، والأصول، والحديث، وفي العقيدة، وغيرها.

وهذه الرسالة التي بين أيدينا مدارها على موضوعٍ عظيمٍ؛ هو: كلمة التوحيد وما تقتضيه، وما ورد فيها من الأحاديث التي اشتبه معناها على كثير من النَّاس.

كما تضمنت أيضاً التنبيه إلى أمر عظيم، وهو خطر مذهب الإرجاء.

ومعروفٌ أنَّ الإرجاء مضمونه أنَّ «الإيمان» هو مجرَّد التصديق، أو أنه مجرَّد المعرفة، أو أنه مجرَّد القول باللسان، كما هي أقوالٌ لطوائف المرجئة.

ولا شك أنَّ قَصْرَ «الإيمان» على مجرَّد ذلك مخالفٌ لما دلَّت عليه نصوص الكتاب والسنَّة من أنَّ «الإيمان» قولٌ وعملٌ، أو اعتقادٌ وعملٌ؛ اعتقاد بالقلب، وعمل القلب، وإقرار اللسان، وعمل الجوارح.

فهذا الدين الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم، جاء بشريعةٍ عظيمةٍ، مشتملةٍ على اعتقاداتٍ مفصَّلة، وأعمالٍ قلبِيَّةٍ مفصَّلَة، وأعمالٍ للجوارحِ مفصَّلَة، فهو مشتملٌ على أفعالٍ وتروكٍ، وحلالٍ وحرامٍ، وواجباتٍ وفرائضَ.

فليس دين الإسلام أن يقول الإنسان: «لا إله إلا الله» فقط، بل هذه الكلمة العظيمة لها مدلولها العظيم، فكيف يكون مجرد النطق بها كافياً في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015