وقوله: (وَهِي تُوجِبُ المَغفِرَةَ) استدلَّ عليه بحديث شداد بن أوس وعبادة الصامت -رضي الله عنهما-، ولا ريب أنَّ التوحيدَ الذي هو مضمون «لا إله إلا الله» سببٌ لمغفرةِ الشِّرك، فإنَّ مَن قال هذه الكلمة العظيمة بصدقٍ وإخلاصٍ فقد تاب من الشرك، فإنَّ التوبةَ سببٌ لمغفرة جميع الذنوب كما قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53]، وهذه الآية في التائبين، كما أن مغفرة الذنوب التي دون الشرك قد تغفر للموحِّد من غير توبة بمشيئة الله، والسبب الأول لذلك هو التوحيد لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء:48 و 116].
وقوله: (وَهِي أَحسَنُ الحَسَنَات) استدل له بحديث أبي ذرٍ المذكور، ويدل عليه أيضاً حديث أبي هريرة رضي الله عنه في شعب الإيمان: «الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ - أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ - شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ» (?)، ويؤيِّد هذا أيضاً ما تقدَّم من أسماء هذه الكلمة العظيمة وفضائلها مما ذكره المؤلِّف -رحمه الله-.
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «وَأَفْضَلُ مَا قُلتُ أنَا والنَّبِيُّونَ مِن قَبْلِي «لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ» (?).
وقوله: (وَهِي تمحو الذنوب والخطايا) فالمحو هو الإزالة، ولا شك أنَّ التوحيدَ الخالص يزيل أثر الذنوب، وهذا المعنى داخلٌ في قولِه المتقدِّم: (وهي توجب المغفرة)، لكنَّ المغفرةَ تتضَمَّن - مع المحو - السَّتْرَ.
وقوله: (وَهِي تُجَدِّدُ مَا دَرَسَ من الإِيمان) لا ريب أن قول العبد: «لا إله إلا الله» مستحضراً لمعناها موقناً به فيه تجديدٌ لما دَرَسَ - أي قَدُمَ وضَعُفَ - من الإيمان.
وهذا يرجع إلى أن الإيمان يزيد بالطاعة، ومن أفضل الطاعات ذكر الله بقول: «لا إله إلا الله» وأخواتها «سبحان الله والحمد لله والله أكبر»، وسماع القرآن لقوله تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً} [الأنفال:2].