بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: قال المصنف رحمه الله: [ولهم شبهة أخرى: وهي ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس يوم القيامة يستغيثون بآدم، ثم بنوح، ثم بإبراهيم، ثم بموسى، ثم بعيسى، فكلهم يعتذر حتى ينتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: فهذا يدل على أن الاستغاثة بغير الله ليست شركاً.
والجواب أن نقول: سبحان من طبع على قلوب أعدائه، فإن الاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه لا ننكرها، كما قال تعالى في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} [القصص:15] ، وكما يستغيث الإنسان بأصحابه في الحرب أو غيره في أشياء يقدر عليها المخلوق، ونحن أنكرنا استغاثة العبادة التي يفعلونها عند قبور الأولياء أو في غيبتهم في الأشياء التي لا يقدر عليها إلا الله.
إذا ثبت ذلك فاستغاثتهم بالأنبياء يوم القيامة يريدون منهم أن يدعوا الله أن يحاسب الناس حتى يستريح أهل الجنة من كرب الموقف، وهذا جائز في الدنيا والآخرة، وذلك أن تأتي عند رجل صالح حي يجالسك ويسمع كلامك وتقول له: ادع الله لي كما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه ذلك في حياته، وأما بعد موته فحاشا وكلا أنهم سألوه ذلك عند قبره، بل أنكر السلف على من قصد دعاء الله عند قبره، فكيف بدعائه نفسه صلى الله عليه وسلم؟] .
قال رحمه الله: (ولهم شبهة أخرى وهي ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس يوم القيامة يستغيثون بآدم ثم بنوح ثم بإبراهيم ثم بموسى ثم بعيسى فكلهم يعتذر حتى ينتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: فهذا يدل على أن الاستغاثة بغير الله ليست شركاً) وهذا من جملة ما يتعلق به المبتدعون في تجويز صرف العبادة لغير الله سبحانه وتعالى، وإلا فلو كان ما ذكروه دالاً على ما ذهبوا إليه من جواز استغاثة المخلوق بغير الله، وأن الاستغاثة بغير الله ليست شركاً؛ لعددنا ذلك من المتشابه الذي يحمل على المحكم، وهو أن الله سبحانه وتعالى قد قال: {فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [الجن:18] ، ونقول: أحوال يوم القيامة تختلف عن أحوال الدنيا، هذا إن سلّمنا بأن ما ذكروه يصح الاحتجاج به أو فيه شبهة لما قالوا؛ كيف وما ذكروه ليس فيه دليل على جواز الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى؟ وبيان ذلك من خلال ما ذكره الشيخ رحمه الله في جوابه.