الرد على من يزعم أن الالتجاء إلى الصالحين ليس شركاً

قال رحمه الله: [فإن قال: أنا لا أشرك بالله شيئاً، حاشا وكلا، ولكن الالتجاء إلى الصالحين ليس بشرك، فقل له: إذا كنت تقر أن الله حرم الشرك أعظم من تحريم الزنا، وتقر أن الله لا يغفره، فما الذي حرمه الله وذكر أنه لا يغفره؟ فإن كان لا يدري، فقل له: كيف تبرئ نفسك من الشرك وأنت لا تعرفه؟ أم كيف يحرم الله عليك هذا ويذكر أنه لا يغفره ولا تسأل عنه ولا تعرفه؟ أتظن أن الله يحرمه ولا يبينه لنا؟] .

الشبهة السابعة تبتدئ بقوله: (فإن قال: أنا لا أشرك بالله شيئاً، حاشا وكلا، ولكن الالتجاء إلى الصالحين ليس بشرك) فهو قبل قليل كان يقول: الالتجاء إلى الصالحين ليس عبادة، وأثبتنا له أنها عبادة، والقاعدة أن صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله فهو شرك، ثم عاد الآن وقال: ليس بشرك، فقل له: إذا كنت تُقر أن الله حرم الشرك أعظم من تحريم الزنا، وتُقر أن الله لا يغفره، فما هذا الأمر الذي عظمه الله، وذكر أنه لا يغفر؟ فإنه لا يدري، وحقيقةً إذا كان يقول: إن الالتجاء إلى الصالحين ليس بشرك فإنه لا يدري ما الشرك الذي حرمه الله سبحانه وتعالى، وذكر أنه لا يغفره، فقل له: كيف تبرئ نفسك من الشرك وأنت لا تعرفه؟ أم كيف يُحرِّم الله عليك هذا ويذكر أنه لا يغفره ولا تسأل عنه ولا تعرفه؟ أتظن أن الله يُحرِّمه ولا يبينه لنا؟! لا والله! لا يُحرِّم الله شيئاً علينا إلا بعد أن يُبينه ويوضحه إما في كتابه أو في سُنّة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأعظم ما حرمه الله سبحانه وتعالى على الناس هو الشرك به؛ ولذلك جاء الكتاب كله في تقرير التوحيد كما قال ابن القيم رحمه الله: فآيات الكتاب إما أن تكون بياناً للتوحيد أو نهياً عن ضده أو بياناً لحقوقه أو بياناً لجزاء من حققه أو لبيان عقوبة من خالفه، فالقرآن كله في بيان التوحيد الذي ضده الشرك، والضد يظهر حسنه الضد، وبضدها تتميز الأشياء.

فالله سبحانه وتعالى بين التوحيد والشرك في كتابه أعظم بيان، والشرك الذي حرمه الله سبحانه وتعالى هو تسوية غيره به في الربوبية أو في الألوهية أو في الأسماء والصفات، والشرك الذي نتكلم عليه هنا هو شرك الإلهية الذي هو صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله، وقد تقدم معنا قبل قليل أن الدعاء عبادة، وحسب القاعدة التي أثبتت سابقاً فإن صرف العبادة إلى غير الله يؤدي إلى الشرك، وهذا صرف الدعاء لغير الله فهو واقع في الشرك؛ ولذلك لم يفصّل الشيخ رحمه الله في الجواب على هذه الشبهة؛ لأنه قد تكلم عليها فيما مضى، أي: في الشبهة التي ذكر فيها المشبه أن الدعاء ليس عبادة.

ثم انتقل إلى شبهة أخرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015