من هذه الأحاديث التي فيها ركاكة في اللفظ وسماجة في القول, والتي يبعد كثيراً عن أن تكون من قول النبي صلى الله عليه وسلم ما اختلقه أصحاب الشياطين ونسبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بهتاناً وزوراً: (عليكم بالوجوه الملاح؛ فإن الله يستحيي أن يعذب وجهاً مليحاً بالنار).
فهذا الكلام تلوح عليه ركاكة اللفظ، مما تجعلك تقول: هذا لا يمكن أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهل رسول صلى الله عليه وسلم الذي بين أن كل البشر لآدم وآدم من تراب، ولا فرق بين أعجمي على عربي إلا بالتقوى، هل النبي صلى الله عليه وسلم يرى بأن الله جل في علاه يربط الثواب والعقاب والجنة والنار بحسن الوجه؟! ومن الذي خلق هذا الوجه؟ إنه الله جل في علاه, هذا سيفتح مجالاً كبيراً للجبرية، فعندهم أن مسألة الثواب والعقاب ليس بأيديهم ولا بعملهم, فلما تقول: إن الله جل وعلا يدخل الجنة من كان حسن الوجه، ويدخل النار من كان ذميم الوجه، ويدور الثواب والعقاب على مثل هذا الكلام السامج الذي لا يمكن أن ينسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم, فإن هذا يفتح الباب لمذهب الجبر، والذي يجعلنا نرده هو أن هذه الألفاظ لا يمكن أن تخرج عن رسول الله, ولا يمكن أن تكون تحت مسمى هذه الشريعة الغراء.
وأيضاً: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (النظر إلى الوجه الجميل عبادة) وعلى هذا يصير الفساق والفجار هم أعبد الناس في الأرض لو صححنا هذا الحديث، فالفساق والفجار بموجب هذا الحديث لا يتركون صورة لامرأة عارية إلا ويحدقون فيها البصر, ولا ينامون إلا وصور العاريات السفيهات على الحائط ينظرون إليها صباح مساء، فهل رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتح هذا المجال لهذا الفاسق الفاجر أن ينظر في وجوه اللاتي يفعلن الفاحشة أو الساقطات ويقول: (النظر إلى الوجه الجميل عبادة؟ فهذا لا يمكن أن يكون من قول النبي صلى الله عليه وسلم).
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ثلاثة تزيد في البصر: النظر إلى الخضرة، والماء الجاري، والوجه الحسن) , فهذه الأحاديث لا يمكن أن تصحح ولا يمكن أن تنسب للنبي صلى الله عليه وسلم، لاسيما وهو قد أوتي جوامع الكلم، ومثل هذه الألفاظ تفتح الباب على مصراعيه والعياذ بالله للفجار والفساق، ولا يمكن أن يتصور بأن حكمة الله تربط الثواب والعقاب بحسن الوجه أو ذمامة الوجه نعوذ بالله من ذلك, يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: (إن الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أموالكم، ولا إلى أجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم).