وأشهر مثال في ذلك: زيادة الثقة مع اتحاد المجلس، فمثلاً: تسعة من الثقات ذكروا الحديث بلفظ وجاء رجل ثقة فزاد عليهم لفظة، كحديث وائل بن حجر فقد خالف زائدة -وهو ثقة- غيره من الثقات، فقد روى: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير بأصبعه، وأما بقية الرواة فقالوا: يحركها، فهنا المجلس متحد.
وأما إذا تعددت المجالس كأن يجلس النبي بعد الفجر ويقول: أحدثكم بحديث فيذكر الحديث، فالصحابة يحملون عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث، ثم إن الصحابة الذين جلسوا معه في الفجر وحملوا عنه الحديث ذهبوا إلى أشغالهم، فجاء آخر في العصر فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن نفس القضية التي تكلم عنها النبي صلى الله عليه وسلم في الفجر، فالنبي صلى الله عليه وسلم أعاد نفس الحديث الذي تكلم به في الفجر، ثم جاء بعد العشاء آخرون وقالوا: يا رسول الله عنت لنا مسألة نسألك عنها، فصادف أن تكون هذه المسألة هي التي تكلم عنها في الفجر وتكلم عنها في العصر، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وعقد مجلساً ثالثاً ثم حدثهم بنفس الحديث، فهذا مجلس ثالث لحديث واحد، فالعلماء ينظرون إلى هذه المجالس التي تعددت هل يمكن أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم الحديث بلفظ واحد في المجالس الثلاثة، أم تختلف الألفاظ بتعدد المجالس؟ وهل نجمع بين هذا الألفاظ أم نقول: إنها شاذة ومخالفة للثقات؟ أقول: عند تعدد القصة فإننا ننظر في الأسانيد والمتون، فإذا اختلفت الروايات وكان الرواة كلهم ثقات، فمخالفة الثقة لمن هو أوثق منه تكون روايته شاذة، وهو قول للشافعي وهو الراجح الصحيح.
وأما مخالفة الضعيف للثقة فهو فتكون منكرة، ولا يمكن أن يكون هناك تعارض؛ لأننا سنقدم الثقة على الضعيف، وأما إذا كان كل الرواة ثقات، فننظر إلى من هو أتقن، فإن كان للحديث قصة فصاحب القصة هو أتقن من غيره، ومثال ذلك: حديث ابن عباس وأبي رافع في مسألة نكاح المحرم كما سنبين.