أختلف العلماء في حكم تدوين السنة هل كانت مباحة وجائزة أم كانت محرمة؟ على قولين: القول الأول: أنها كانت غير جائزة.
واستدلوا على ذلك بأدلة منها حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تكتبوا عني غير القرآن).
وعن أبي هريرة وزيد وأنس أن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن كتابة السنة؛ خشية أن تختلط بالقرآن).
وجاء عن عمر بن الخطاب أنه عندما تردد في كتابة السنة استخار الله كثيراً ثم قال: لم تطمئن نفسي أن تُكتب السنة.
القول الثاني وهو قول جمهور أهل العلم: أن كتابة السنة كانت مباحة.
واستدلوا على ذلك بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه وأرضاه قال: (كنت أكتب حديث النبي صلى الله عليه وسلم فلامتني قريش فقالوا لي: تكتب حديث النبي والنبي بشر يغضب كما يغضب البشر، ويعتريه النسيان كما يعتري البشر؟! قال: فذهبت إلى رسول الله فقصصت عليه ما قيل، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: اكتب، فوالله ما يخرج منه إلا الحق) يعني: ما يخرج من فم النبي صلى الله عليه وسلم إلا الحق.
وهذا مصداق قول الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:3 - 4].
وأيضاً في حديث أبي هريرة في الصحيح أنه كان يقول: ليس أحد من أصحاب رسول الله أكثر حديثاً مني غير ما كان من عبد الله بن عمرو بن العاص، فإنه كان يكتب ولا أكتب.
وأيضاً قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اكتبوا لأبي شاه)، وهذه فيها دلالة على جواز كتابة ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم.
والصحيح الراجح أن مسألة الكتابة كانت أول الأمر ممنوعة خشية أن يختلط القرآن بالسنة، ولما حفظ الناس القرآن وعلم النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يمكن أن تختلط السنة بالقرآن أباح لهم الكتابة.