الجزءُ الثاني والثلاثونَ من شرحِ كتاب سيبويهِ, إملاءُ أبي الحسنِ علي بن عيسى النَّحوي.
بِسمِ اللهِ الرحمن الرحيمِ, وبه الإعانةُ.
والدليلُ على أن لفظَ (من) لفظُ التوحيدِ أنه لا علامةَ فيها للجمع من بناءِ تكسيرٍ, أو زيادةٍ لجمع السَّلامةِ.
وكذلك لفظُها لفظُ التَّذكيرِ؛ لخُلوها من علامةِ التأنيثِ.
و(أيٌّ) تجري في هذا مجرىَ (من)؛ لأنها /89 أ -وإن كانت للتفصيلِ- ففيها إبهامٌ؛ لاقتضائها البيانَ من المُجيبِ, فتقولُ على هذا: أيُّهنَّ كانت أمَّك؟ وأيُّهن كان أمَّك؟ وأيُّهم يجلسونَ إليك؟ وأيُّهم يجلسُ إليك؟ . كُلُّ ذلك جائزٌ حسنٌ.
وقال الفرزدقُ:
(تَعالَ فإن عاهدتني لا تخونُني ... نكن مثلَ من يا ذِئبُ يصطحبانِ)
وإنما جازَ هذا في (من) , ولم يجُز في (الذي) كما جازَ في: من؛ لأنَّ الذي صفةٌ تتبعُ الموصوفَ في توحيده وتثنيتهِ وجمعهِ؛ فلذلك جازَ: اللذانِ, والّذينَ, [والتي] في تأنيثه على المعنى, ولم يكُنْ لـ: من مِثلُ هذا.