وإنما ترتب بالفعل في الأقرب فالأقرب، ولم يترتب المنفصل؛ لأن الفعل أقوى على المتصل منه على المنفصل؛ إذ ترتبه في الموقع /59 أبمنعه إياه أن يتقدم عليه، أو أن يفرق بينه وبينه، فكذلك ترتبه في الأقرب.

وليس كذلك المنفصل؛ لأنه يجري مجرى الأجنبي في التقديم والتأخير والفرق، فلا يجوز: أعطاهوني، ويجوز: أعطاه إياي، وأعطانيه، ولا يجوز: أعطاكني، ولكن: أعطانيك، وأعطاني إياك، وأعطاك إياي، كل ذلك جائز حسنٌ.

وقد أجاز بعض النحويين خلاف الترتيب في هذا قياساً على الضمير المنفصل، وقد بينا الفرق بينهما بما يوجب إبطال ذلك القياس.

وتقول: أعطيتكه، وأعطاكه، ولا يجوز: أعطيتهوك، ولا أعطاهوك؛ لما بينا.

وفي التنزيل: {فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} [هود: 28]، فجاء هذا على الأقرب، وهو المتكلم، ثم المخاطب، ثم الغائب، وهو القياس الحسن.

ويلزم من بدأ بالأبعد أن يقول: منحتنيني، وهذا قبيحٌ شنعٌ في الأفهام الصحيحة من أهل هذا اللسان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015