له أقرب المراتب [في] العمل، وهو الفعل؛ ولذلك جاز في الفعل أن يبدأ بالأبعد، فتقول: ضربتني، وضربك، وضربني، وأكرموني، فتبدأ بالأبعد، وهو الغائب، ولم يجز مثل ذلك في المصدر، إذا قلت: عجبت من ضربيك، وضربيه؛ لم يجز أن تبدأ بالأبعد، فتقول: عجبت من ضربكي، ولا: ضربهيك؛ لأن الفعل يغير له اللفظ في الفاعل، ولا يغير في المصدر عن حد المفعول.
وتقول: كان إياه، وهو أكثر من: كانه؛ لأنه ليس بفعلٍ حقيقي، فهو أقرب إلى العامل الضعيف /56 أ، وهو في مرتبة المصدر؛ لأنهما جميعاً في المنزلة الوسطى من العمل.
وتقول: أتوني ليس إياك، ولا يكون إياك، فلا يجوز في الاستثناء إلا المنفصل؛ لأنه كان يضعف فيه المتصل، ثم أنضاف إليه في الاستثناء ضعفٌ من وجهٍ آخر، وهو وقوعه موقع: إلا، فلم يجز فيه إلا المنفصل.
وقال عمر بن أبي ربيعة:
(ليت هذا الليل شهرٌ ... لا نرى فيه عريبا)
(ليس إياي وإياك ولا نخشى رقيبا)