فأما المكني فليس بنقيض الظاهر؛ لأنه قد يكون اسماً تاماً في البيان عن معناه، وتاماً في نفسه بتمام حروفه، فيجب أن يكون ظاهراً من هذه الجهة، وإذا كان ناقصاً يتم بصلته، ولم يكن به عن شيءٍ؛ فهو - أيضاً - ظاهرٌ؛ إذ المضمر لا يكون إلا ما جمع الكناية والنقصان، فالظاهر هو المصرح بمعناه من غير جمع نقصانٍ وكنايةٍ.

وهذا الباب على ثلاثة أقسامٍ: إبهامٍ ونقيضه الإيضاح، وكنايةٍ ونقيضها /50 أالإفصاح، وإضمارٍ ونقيضه الإظهار.

وأحكامها مختلفةٌ، فكل مكني فهو مبهمٌ، وليس كل مبهمٍ مكنياً، وكذلك كل مضمرٍ مبهمٌ، وليس كل مبهمٍ مضمراً؛ وذلك أن المبهم هو المحتمل للوجوه المختلفة؛ ولذلك صار نقيض الإيضاح بالبيان الذي يخص الوجه الواحد، فالشيء مبهمٌ؛ ؟ لأنه أعم العامٌ، وهو محتملٌ للوجوه المختلفة.

ومن المبهم ما يصلح للأعم إلا أنه لا يقوم بنفسه في البيان عن معناه دون إشارةٍ تصحبه، فدخله الإبهام من وجهين، نحو: هذا، وذاك، وتلك.

ومن المبهم ما يكون مضمناً بصلةٍ توضحه كـ: الذي، ونحوه.

فالمبهم أعم هذه الأوجه، وحقيقته: المحتمل للوجوه المختلفة، ثم قد يدخله الإبهام بوجوهٍ زائدةٍ على هذا الوجه، فيتعاظم إبهامه، فبعض المبهمات أشد إبهاماً من بعضٍ.

وكل مكني فهو مبهمٌ؛ لأنه في موضعه، يحتمل الوجوه المختلفة، وهو مع ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015